كالينداــ بقلم ولاء

موقع أيام نيوز

كل ده يا ماما هو العيد بكرة وإحنا ما نعرفش!
لكزتها والدتها پعنف وقالت
_ لاء يا حلوة يا أم لسانين أهل خطيبة أخوكي محمد جايين بعد بكرة وبعدين هنا كل واحد لازم يخدم نفسه أنا مش الخدامة اللي جبهالكم أبوكم.
ألتفت رحاب إلي شمس وهي ترفع أكمامها عن ساعديها قائلة
_ معلش يا شمس أستنيني أخلص اللي ورايا وجاية لك ما تنميش بقي.
صاحت شوقية بإعتراض وكأن حدثت کاړثة
_ ده مين دي اللي تستناكي وما تنمش! مش بنت زيها زيك وده بيت عمها مش حد غريب ده غير إنها مش ضيفة وقعدتها هتطول يعني زيها زينا في البيت وتروق وتكنس وتمسح وتغسل زينا ولا ما بتعمليش مع أمك كده يا شمس
أجابت الأخري وهي تزدرد لعابها بتوتر
_طبعا بساعد ماما ومن غير ما تقولي يا طنط كنت هساعد رحاب.
_طيب يلا بقي خلصوا بسرعة قبل ما عمك ما يطلع من الدكان وأكون أنا خلصت الغدا.
ذهبت شوقية فأقتربت إبنتها من شمس تربت عليها
_ حقك عليا أنا يا شمس لو كلام ماما زعلك هي شديدة وقوية بس قلبها طيب.
هزت الأخرى رأسها بابتسامة ساخرة 
_واضح واضح.
و بعد عناء يوم من الأعمال الشاقة تمددت كلتيهما علي التخت زفرت رحاب بتعب وقالت
_اه يا وسطي اللي أتقطم في غسيل السجاجيد وأنا كان مالي ومال أهل خطيبة أخويا اللي جايين.
قالت شمس بتعب أيضا
_ معلش إحنا برضو كنا بنعمل كدة برضو أيام ما كنت مخطوبة.
إستدارت إليها الأخري بانتباه وقالت
_ فكرتيني صح قوليلي بقي سبب فسخ خطوبتك ولو ده هيضايقك خلاص أعتبريني مسألتش.
زفرت من التعب الجسدي والنفسي فأجابت
_ هقولك بس أوعديني اللي هاحكيهولك سر ما بينا لحد ما أرتب أموري وأخد حقي.
و في الغرفة المقابلة تتمدد شوقية بجوار زوجها الذي يتصنع النوم هروبا من وصلة ثرثرتها التي تنتهي پألم شديد في الرأس لم يزول ولو بألف فنجان قهوة.
_ آه ياني جسمي أتدغدغ من شغل طول النهار.
تمتم محمود دون أن يوضح كلماته إليها
_ اللي يسمعك مايشوفش البنات اللي طلعتي عينيهم النهاردة وفاكراني مش عارف ولية مفترية أعوذب بالله.
مالت عليه وسألته
_ بتقول حاجة يا حاج
أجاب بصوت مصتنع يغلبه النعاس
_ بقول أذكار قبل النوم.
_ اممم طيب كنت عايزاك في موضوع كدة بخصوص بنت أخوك.
سألها بسخرية دون يلتفت إليها
_مالها لحقتي تزهقي من قاعدتها
أجابت باستنكار
_ لاء بالعكس جت في وقتها أهي هي والبت رحاب يشيلوا عني شغل الشقة شوية أنا خلاص عضمتي كبرت ومابقتش قادرة علي طلباتكم زي الأول.
تمتم مرة أخري
_ده أنتي عليكي صحة تهد جبال كلنا هانموت وأنتي اللي هاتفضلي عايشة في الآخر.
لكزته في كتفه
_ بصي لي كده وأنتبه ليا.
أستدار إليها بتأفف
_ أخلصي يا شوقية عشان أنا صاحي من الفجر وعايز أتخمد.
أجابت بامتعاض
_ مابراحة عليا يا حاج اللي هاقوله لك فيه خير لينا ولأخوك بص بقي وأسمعني للآخر الولاه حمدي خلاص قرب يخلص الجيش بعد خمس شهور ونازل أجازة الأسبوع الجاي وبما أن شمس خلاص فسخت خطوبتها إيه رأيك ما نخطبها للولاه ونبني لهم شقة الدور الخامس و أهي بنت اخوك ومتربية علي إيدينا.
رفع إحدي حاجبيه الكثيفين وقال بتهكم
_أنتي قصدك تجوزيها لإبنك ومنها تبقي ليكي خدامة صح
_ أنا ماقولتش كده وفيها إيه لما تخدمني أنا هابقي حماتها غير ما أنا أصلا مرات عمها الكبير.
تنهد بسأم وضجر منها
_ أسمعيني أنتي كويس يا شوقية أنا عارف وأنتي عارفة إن زينب عمرها ما هتديكي بنتها وخصوصا بعد اللي عملتيه فيها

زمان وبسببه خليتي أخويا ما يجيش يعيش معانا ويبني له شقة في البيت وأشتري مننا حقنا في بيت أبويا عشان يعيش فيه هو و بنته ومراته ويكفيها من شړ أذيتك ليها ولا ناسية سنتين العڈاب اللي عاشتهم وأخويا يجري بيها علي الدكاترة و مايعرفوش إيه اللي عندها غير لما جاب لها شيخ موثوق فيه و عرف إن معمولها سحر أسود وقدر يعرف مين الدجال اللي ورا المصېبة دي و لولا أنه راح بلغ عنه الحكومة وأعترف بمصايبه مكنش حد عرف إنك اللي ورا اللي حصل ليها كل ده بسبب الغيرة والحقد اللي بتتظاهري إنهم راحوا من قلبك لكن أنا متأكد إنك لسه مليانة بالسواد والأمارة عايزة البت لإبنك اللي عارفه عمره ما هيعترض ولو هيقولك كلمة حتي لو شافك بتدبحي مراته قدام عينيه فأتقي الله أنتي عندك بنت والدنيا سلف ودين يوم ليك ويوم عليك.
كانت تستمع إليه پصدمة فأجابت بعدما أنتهي
_يا ليلة طين أنت شايفني بالوحاشه دي كلها!
صاح يبوخها
_أنا مش شايف حاجة قدامي وعايز أنام أطفي النور وأتخمدي.
وألتف للجهة الأخري مدثرا جسده بالغطاء تاركا أياها كالنيران المندلعة ولم تجد شيئا تحرقه فاحټرقت هي قالت في داخل عقلها
_ و ربي و ما أعبد ما هاكون شوقية بنت الجزار غير لما أجوز البت شمس للولاه حمدي إبني ويا أنا يا أنت يا حاج.
يصدح صوت تلاوة آيات سورة الكهف من المآذن بأعذب الأصوات فهذا يوم الجمعة يذهب الرجال إلي المساجد والإستماع إلي الإمام وهو يلقي عليهم الخطبة من حكم ومواعظ وتفسيرات لأمور دينهم الدينية والدنيوية و بعد الإنتهاء يرفع آذان الإقامة فينهض الجميع ويصطفون في صفوف متساوية إستعدادا لأداء الصلاة.
وبالأعلي في منزل الحاج محمود تصيح شوقية بصوتها الجهوري علي الفتاتين
_ ما تقومي ياختي منك ليها ولا مستنين الخدامة تحضرلكم الفطار وأنتم نايمين
لي زي الهوانم.
نهضت رحاب بتأفف قائلة
_ أستغفر الله العظيم أهو إبتدينا علي الصبح.
نظرت تبحث عن شمس وجدتها تؤدي فرضها في إحدي الأركان و قد أنتهت للتو نهضت وهي تقول بهدوء يشوبه السخرية
_ قومي يا رحاب أتوضي وصلي الضهر وحصليني قبل ما مرات عمي تدخل ترمينا من الشباك.
هزت الأخري رأسها وهي تضحك علي كلماتها فأجابت
_ أنتي بتقولي فيها أمي وأنا عارفها لما بتهب منها ممكن تعملها.
خرجت شمس وتتصنع البسمة تلقي التحية علي زوجة عمها المتسلطة
_ صباح الخير يا مرات عمي.
رفعت الأخري زاوية فمها بتهكم وأجابت
_ قصدك مساء الخير يا عينيا فين المزغودة التانية أدخلي أندهيلها و روحوا حضروا الفطار زمان أعمامك خلصوا صلاة و طالعين علي هنا.
أومأت إليها دون أي رد وذهبت إلي المطبخ خرجت رحاب من الغرفة متجهة نحو المطبخ أيضا فوجدتها تعد الطعام فأخذت تتمتم بصوت لا يسمعه سواهما
_ كل يوم جمعة الموال اللي ما بيخلصش ده ومرتات أعمامي قاعدين هوانم في شققهم مابينزلوش غير لما أعمامي يطلعوا ويجوا ياكلوا علي الجاهز.
قالت الأخري
_ وفيها إيه يا رحاب دول مهما كان ضيوف عندكم مش إلزام ولا فرض عليهم ينزلوا يعملوا الأكل وبتكسبي ثواب في إكرامهم.
أجابت الأخري بسخرية
_ أسكتي يا شمس أنتي ما تعرفيش حاجة لولا بابا هو اللي مجمعهم وحاكم عليهم يوم الجمعه ده مقدس الكل بيتجمع عندنا كان زمان كل واحد بقي في حاله وأنا أرتحت.
_ برضو ما فهمتش قصدك يعني دي حاجة حلوة ولا وحشه بس أنا شايفة لمة العيلة دي أجمل حاجة بتعمل ترابط وبتألف القلوب وتقربهم من بعض وبيفضل الود والحب مابين الأخوات وعيالهم.
أجابت الأخري و تقطع حبات الفلفل
_ ده كان زمان يا شمس أيام ما كنا في البيت القديم في البلد ولما كان جدو وتيتا الله يرحمهم عايشين دلوقت كل واحد فيهم يلا نفسي ما أنكرش إن ماما أسلوبها يطفش مرتات أعمامي منها حبتين أو نقول أربع حبات بس قلبها أبيض.
رمقتها الأخري بإستنكار وفي داخلها قالت
_ أنتي هتقوليلي ده أنا من ساعة ما جيت وهي عماله ترمي لي كلام زي الدبش.
أجفلهم صوت شوقية من الخلف 
_ خلصتم ولا عاملين ترغوا
أجابت شمس
_ أنا عملت البيض والفول والجبنة فاضل الطعمية هقليها قبل الأكل علي طول عشان ماتبردش.
وقالت ابنتها
_ وأنا بعمل السلطة أهو وهاحشي البتنجان بالتتبيلة.
أجابت عليهما وهي تلتقط مفرش حراري كان معلقا علي مشجب معدني في الحائط
_ وأنا هاروح أفرش السفرة عقبال ماتخلصوا وتطلعوا الأطباق شكلهم طالعين علي السلم.
جلس الجميع حول المائدة ويترأسها الحاج محمود فكان وجهه مكفهر ولم ينطق بحرف منذ أن عاد من المسجد بينما أشقائه الآخرين يتبادلون الأحاديث مابين الأخبار والفكاهة و زوجاتهم تتحدثن مع شمس التي تشعر بانقباضة في قلبها لاتعلم ماهية مصدرها لاسيما كلما تلاقت عينيها بعينين عمها محمود لن تجد سوي نظرات الڠضب والتجهم.
نهضت باكرا بعد أن انتهت من طعامها
_ الحمدلله.
قالت لها رشا زوجة عمها حجازي
_ كملي أكلك يا شمس ده أنتي مكملتيش

ربع رغيف.
أجابت بخجل
_ أكلت وشبعت الحمدلله دي أكلتي.
فقالت شوقية بأسلوبها الفظ
_ ياختي البنات اليومين دول ماسكين في أبصر إيه اللي أسمه دايت لحد ما بقوا شبه خلة السنان ويقولوا لك دي الموضة.
عقبت السيدة محاسن زوجة عمها الأخر يحيي
_ هم بيحافظوا علي جسمهم بس أهم حاجة يكون تحت إشراف دكتور تغذية عشان ميأثرش علي الصحة.
عقبت رشا
_ فعلا صح مفيش أحسن من الواحد ياخد باله من صحته.
فقالت شوقية عن عمد
_ الكلام ده يا رشا ياختي لواحده زيك كده ولا وراها عيل ولا تيل لكن ياختي إحنا ورانا عيال عايزين صحة من حديد فلازم تاكلي وتتغذي.
أكتسي الشحوب وجه الأخري من كلمات سلفتها اللاذع فنهضت تاركة ما بيدها من طعام وقالت
_ عن إذنك يا شمس أنا طالعة فوق عشان حاسة بصداع أبقي تعالوا أنتي و رحاب نقعد مع بعض شوية.
اومأت لها وقالت
_ حاضر يا طنط.
غادرت رشا المنزل و زوجها يرمق شوقية بامتعاض ثم نظر إلي زوجها ليجده في عالم آخر لكن محاسن لم تصمت لتقول
_ عمرك ما هتبطلي كلامك الچارح ده يا شوقية ده أنتي عيالك علي وش جواز المفروض تعقلي كلامك قبل
ما تطخي في وش اللي قدامك و تراعي شعورهم.
نهضت هي أيضا وقبل أن تذهب قالت
_ أبقي تعالي يا شمس أقعدي معانا بيت عمك يحيي مفتوح لك في أي وقت.
أنفضت المائدة واحد تلو الآخر وهم يحيي بالمغادرة قائلا
_ عن أذنك يا حاج محمود أنا نازل أقعد علي القهوة شوية.
وتبعه حجازي بالقول أيضا
_ وأنا كمان نازل خدني معاك.
وهنا تخلي محمود عن صمته الرهيب وأمرهم بحدة
_ أستنوا عندكم عايزكم في موضوع مهم.
كانت شمس تشغل نفسها بجلي الصحون لتتجنب كلام زوجة عمها و بينما هي شاردة صوت هذه الحيزبون شوقية أفزعها
_ بت يا شمس.
أنتفضت الأخري فأردفت زوجة عمها
_ عمامك عايزينك في أوضة الجلوس.
كانت دقات قلبها البائس تقرع كالطبول تركت ما في يديها وقامت بغسلها من الصابون ثم تجفيفها بالمنشفة وذهبت تخطو بحذر وتاركة شوقية التي يتآكلها الفضول خاصة بعدما حذرها زوجها من الوقوف والتصنت وأن تلتزم غرفتها ريثما ينتهي من هذا
تم نسخ الرابط