حتي أقتل بسمة تمردك بقلم مريم غريب الجزء الرابع..
المحتويات
بكاء مرير دفنت وجهها بالوسادة التي مازالت تعبق برائحته وأخذت تنشج بقوة متذكرة تفاصيل الليلة الماضية بقدر ما تاقت إلي تلك اللحظة بقدر ما كرهتها مما أشعرها بالذل والهوان ربما لو كان لطيفا معها لكانت تغاضت عن أشياء كثيرة وبادلته بمشاعرها فلأول مرة تعرف داليا الشعور بالقهر والإذلال وبعدما استجمعت قواها توجهت صوب المرآة وقفت تتأمل نفسها لطالما دل مظهرها علي الضعف لطالما كانت نفسها هشة قابلة للكسر زفرت وقد عادت إليها كل الأفكار والمشاعر التي ملأت نفسها وقلبها بعد رؤية عز الدين مع جومانة مما جعلها ټنفجر باكية فهي تحبه كثيرا تحبه وتريده لها هي فقط ليس لجومانة ولا لأي إمرأة ممن يحومن حوله كالنحل حول وعاء عسل! يجب أن تفعل شيء ولكن ماذا عساها أن تفعل
ولكنه لم يحرك ساكنا فقطب خالد حاجبيه ثم هتف بإسمه.. عز الدين عز عز الدين!
.. في ايه!
ردد متهكما ثم تابع.. انت اللي في ايه مالك
هز رأسه عابسا ثم أجابه.. مافيش حاجة.
.. مافيش حاجة ازاي انت مبتسرحش كده الا لو كان عقلك مشغول بحاجة وحاجة كبيرة كمان قولي يا عز في ايه
تأفف قائلا.. قلتلك مافيش حاجة يا خالد.
تنهد خالد وهو يرمقه بشك ثم جلس قبالته وقال.. اولا في شيكات مهمة عايزة تتمضي.
.. وثانيا
.. ثانيا بقي عايزك في موضوع.
.. خير موضوع ايه
.. عبير يا عز.
قطب حاجبيه متسائلا.. مالها عبير
.. امتحاناتها الاسبوع الجاي.
هز كتفيه في هدوء قائلا.. طيب!
.. طيب ايه بس انت مش قولتلي قرب امتحاناتها هتقولها علي ميعاد الفرح
قال عز الدين بصرامة فتأفف خالد قائلا.. مش هتفرق يا عز.
.. انت مالك مستعجل كده ليه ما هي موجودة هتروح فين يعني
.. يا اخي بحبها ده غير اني خللت خلاص بقالي سنين مستنيها وانت اللي كنت دايما بتأجل بحجة دراستها اديها هتخلص اهو جوزهالي بقي.
.. صدعتك بقي كده
زفر عز الدين بقوة ثم قال.. اسمع يا خالد انا اكتر واحد مستعجل علي جوازكوا بس كل حاجة لازم تكون في وقتها صحيح انا عايز ارتاح من مسؤلية عبير واطمن عليها لكن كمان هي اختي الوحيدة وابويا وصاني عليها اكتر من عمر عشان كده عاملتها بمنتهي اللطف من وهي طفلة لحد دلوقتي راعيتها اوي.
.. خلاص يا سيدي عرفت انك بتحبها.
ثم تنهد بثقل وقال.. هبقي أفاتحها في الموضوع لما اروح وانت ابدأ في التجهيزات.
هب خالد واقفا وقد إنفرجت أساريره ثم قال.. انت بتتكلم جد
.. ايوه يا سيدي.
قال عز الدين في ضيق فتعالت ضحكات خالد ثم تركه مهرولا إلي الخارج بينما ذهل عز الدين قائلا.. لا حول ولا قوة إلا بالله!
كلما عزمت علي القيام بالأمر يصيبها الجبن .. فتتساءل أين كان الجبن والخۏف عندما وقعت في المحظور أين ولكن عليها بفعل ذلك فليس أمامها خيار أخر إما أن تنتهي دون مشاكل إما أن تبقي في مواجهة مصيرها البائس المجهول هكذا صور لها شيطان نفسها حياتها البائسة حتي إنسجمت في تخيلاتها وكادت تمزق شرايينها بتلك الآلة الحادة لولا دخول الخادمة في الوقت المناسب.. ست عبير.
هتفت فاطمة بخفوت بينما إنتفضت عبير مذعورة ثم خبئت السلاح الحاد تحت وسادتها قائلة پغضب.. مش تخبطي قبل ما تدخلي ازاي تدخلي عليا من غير اذن
توترت فاطمة ثم أجابتها متلعثمة.. انا اسفة يا ست عبير مكنش قصدي.
زفرت عبير بحنق ثم سألتها بنبرة أقل حدة.. عايزة ايه
.. عز الدين بيه عايزك.
.. عز الدين!
رددت مستغربة ثم سألتها.. هو فين
.. مستنيكي تحت في الهول الكبير.
أومأت رأسها قائلة.. طيب انا نازلة روحي انتي بقي.
أطاعتها فاطمة حيث إنسخبت في هدوء بينما تحاملت عبير علي نفسها ونهضت ثم إتجهت صوب خزانتها وأخرجت رداء أبيض رقيق ولتدار أيضا موضع سكون طفلها الذي بدا عليه النمو ثم غادرت غرفتها متهالكة حتي وصلت إلي حيث ينتظرها أخيها الذي كان يجلس بهيبة وعنفوان كعادته علي أحد المقاعد الوثيرة وما أن رأها حتي إبتسم بخفة ثم دعاها للجلوس قائلا.. تعالي يا عبير تعالي اقعدي.
إبتسمت بشحوب ناظرة إليه بأعين ذابلة ظللها السواد فيما إسترعي ذلك إنتباهه فسألها.. مالك يا عبير انتي تعبتي تاني ولا ايه
.. لأ يا حبيبي مش تعبانة انا بس لسا صاحية من النوم.
همهم قائلا.. مش عارفة انا ايه حكايتك بقالك فترة مش مظبوطة!
توترت أعصابها فسألته بإرتباك.. مش مظبوطة ازاي يعني يا عز
هز كتفيه قائلا.. مش عارف حاسك مكتئبة كده بقيتي بتقعدي في البيت كتير ومبتخرجيش مع صحابك زي عادتك بطلتي تطلبي مني فلوس زي الاول بردو حتي طريقة لبسك اتغيرت.
لم تجد كلاما مناسبا للرد علي ملاحظاته الثاقبة فإعتصمت بالصمت فيما هز رأسه قائلا.. خلينا في المهم دلوقتي انتي اكيد عايزة تعرفي انا عايز اكلمك في ايه
أومأت رأسها دون كلام فقال بتمهل وهو يناولها مجلد أسود أنيق.. خدي الكتالوج ده عايزك تختاري احلي حاجة واغلي حاجة اللي يعجبك شوري عليه بس وانا عليا الباقي.
أخذت عبير المجلد من يده ثم فتحته وتصفحته ذاهلة ثم عادت تنظر إليه متسائلة.. ايه ده يا عز
.. ايه يا عبير مش واضح ولا ايه ده كتالوج هتختاري منه فستان فرحك.
إبتلعت ريقها بصعوبة وقد شحب وجهها حتي البياض فقالت.. فرحي فرحي ازاي يعني انا مش فاهمة حاجة
.. ما هو عشان مببقاش الموضوع مفاجأة بالنسبة لك قررت افاتحك فيه دلوقتي انا حددت ميعاد الفرح مع خالد بعد امتحاناتك في نص الشهر الجاي مبروك يا حبيبتي.
هزت رأسها بقوة ثم نهضت ورددت كلمة لأ بلا وعي حتي سقطت مغشيا عليها فأطلقت فاطمة صړخة عالية عندما دخلت في تلك اللحظة حاملة كوبا من القهوة عز الدين فإنفلت من بين يدها وسقط أرضا بينما هرع عز الدين علي شقيقته بفزع حيث جثي علي ركبتيه إلي جانبها وأمسك بوجهها بين كفيه قائلا.. عبير عبير مالك عبير
.. ايه اللي حصل
هتفت داليا پذعر عندما شاهدت ما حدث لدي وصولها وقد جاءت مهرولة علي أثر صړاخ فاطمة رمقها عز الدين بإضطراب وقلق ثم قال بتوتر.. عبير مش عارف مش عارف مالها!
ثم أخرج هاتفه وطلب الطبيب كي يحضر لفحص أخته ثم أنهي المكالمة وحمل عبير إلي غرفتها حيث مدد جسدها المتراخ فوق فراشها الوثير مرت ساعة كاملة حتي آتي الطبيب وبعد أن فحصها إنسحب من غرفتها إلي الخارج فتتبعه عز الدين بينما داليا جالسة إلي جانبها والقلق يعصف بها هي أيضا.. مالها يا دكتور
سأل عز الدين الطبيب بقلق فإبتسم الطبيب ذا الشعر الثلجي قائلا.. متقلقش يا عز الدين بيه دي كانت إغماءة بسيطة وهتفوق حالا ماتقلقش.
.. سببها ايه الاغماءة دي يعني
.. والله مافيش اي مشكلة عضوية ممكن تكون
متابعة القراءة