سلسلة الأقدار لنورهان العشري
المحتويات
أبدا منذ أن فارقها نعم كانت طفلته التي انتزعتها أيدي الغدر من بين يديه دون شفقه أو رحمة
يتبع
السادس و العشرون بين غياهب الأقدار
هناك أشخاص في هذا العالم كالمصابيح يضيئون دروبنا المظلمة العثور عليهم صعب و
التفريط بهم مستحيل كذلك الذي يخبرك دائما بأنه س يغادرك ولكنه لا يجرؤ عن الإبتعاد أبدا
و ذلك الذي يتحمل رماديتك و مزاجك السيء بقلب رحب وأيضا هذا الذي يستمر ب إخبارك بأنك الأروع في هذا العالم
وعلى رأسهم هذا الذي يغفر جميع ذلاتك غضبك قسوتك إزعاجك و تذمرك الدائم يوقن بأن كل تلك الأشياء عابرة بعيده عن طبيعتك و يدرك بأنه لا يوجد شخص كامل في هذه الحياة كلما رأيت نفسك بعينيه تقع بعشقها بإستطاعته تبديد غيومك السوداء وإعادة الصفاء إلى سماءك من جديد لتبدو مشرقة
انتهى الطبيب من فحصه لها تحت أنظار غلفها القلق ولكنه كعادته كان صامتا إلى أن تحدث الطبيب بعملية
القولون عندها متهيج جدا
سالم بخشونة
و دا من إيه
قولون عصبي من الواضح أن مدام فرح عصبية جدا و دا غلط الموضوع مش خطېر بس متعب أنا هكتب لها على شوية أدوية و ياريت كمان تحافظ من لخبطة الأكل لحد ما الدنيا تهدى معاها و الف سلامه عليها
شكرا يا دكتور
اومأ الطبيب قبل أن يرافقه سالم للخارج فوجد الجميع بانتظاره فوجه حديثه إلى شقيقه
وصل
الدكتور يا سليم
أطاعه سليم بصمت وحين غادر مع الطبيب تحدثت أمينة بلهفه
طمني يا سالم
أجابها بإقتضاب
تعب عادي يا حاجة متشغليش بالك لو سمحتي خلي حد يطلعلنا العشا هنا
حاضر
لم يضيف شيئا إنما توجه للداخل مغلقا الباب خلفه فقابلته بسيل الأسئلة التي تضج بعقلها كالذباب منذ أن ألقى بقنبلته في وجهها ثم قاطعهم قدوم الطبيب الذي انتظرت أن يمر لقاءه بسرعه حتى
تفهم
ماذا حدث
ممكن تفهمني بقي إيه القنبلة اللي رمتها في وشي دي
تجاهل سؤالها وقال بحنق
لم تهتم لكلماته و قام بفتحه و العبث به لثوان قبل أن يضعه أمامها لتجد فيديو مسجل لمروان الذي يقهقه بمرح مع رجل لا تعرفه ثم قال بجدية
كدا يبقي اتفقنا نقرا الفاتحة بقى
ثم قام مروان بمد يديه ليصافح الرجل الذي لم ترتح لها نفسها و بعدها أخذ منه شيئا لم يكن واضحا و من ثم انتهى الفيديو فنظرت إلى سالم پصدمة انبثقت على هيئة حروف تتوسل له أن ېكذب ما رأته
اومأ بخيبة أمل لخصها في كلمة مختصرة
هو
و كأن الكلمة كانت سيفا شق قلبها لنصفين فقد إنهار العالم من حولها فكيف لذلك الشخص النقي المرح الذي ينجح دائما في رسم البهجة على وشوشهم أن يكن كاذبا مخادعا و الأصعب من ذلك خائڼا ! هل يوجد أشخاص ماهرين في الخداع لهذة الدرجة
التقمت عينيها جموده الظاهري و رق قلبها كثيرا لمظهره فهذه هي حالتها فكيف هو حاله
دون أي مقدمات قامت بإحتوائه ليستقر برأسه بين جنبات صدرها فقد شعرت بحاجته إلى ذلك كثيرا و قد صح ظنها فقد وجدته يرتمي بأوجاعه دفعة واحدة بين طيات حنانها الذي يحتاجه بقوة فتألم قلبها لهذا الجبل الذي يحمل أكثر بكثير من طاقة البشر !
انشق قلبها لنصفين ل عبراته التي هطلت بصمت تحكي مقدار الألم الهائل الذي يحجبه عن الجميع بينما يقف أمامهم شامخا لا يتأثر ولكن داخله ېحترق بصمت
مرت قرابة الربع
ساعة قبل أن
اومال ليه بتعملي كده
جهرت
عشان أنا فعلا مش كدا يعني لو مكنش اللي حصل دا حصل كنت هتحكيلي على موضوع مروان
لأول مرة يتوارى خلف صمته أمام عينيها فصاحت بتذمر
شوفت بقي عرفت إيه مزعلني
عرفت
أجابها بإختصار فتدللت كفوفها تحوى وجهه و أرسلت عينيها سهام عاشقه مستقرها قلبه وهي تقول بخفوت
محدش هيحبك في الدنيا قدي ولو فاكر إنك بتبعدني عن المشاكل تبقى بتظلمني و بتظلم نفسك عشان مفيش حاجه هتهون عليك غيري
لم يعتد على وصف شعوره بالكلمات و خاصة إن كان ما يجول بصدره عميق إلى تلك الدرجة فقد التف ضماد حروفها حول جدران قلبه المتهالكة فتخدرت اوجاعه للحد
مازحته قائله بثقة
ياريت تبطل مقاومة بقى عشان أنا اللي هنتصر في الآخر
اتسعت ابتسامته وهو يستكين معترفا
أنت انتصرتي أصلا
ابتسمت بحب قبل أن تتحدث باهتمام
تعالى عشان تغير
هدومك و تتعشى تقريبا من أول جوازنا متعشناش مرة لوحدنا أنا حقيقي ممتنة لقولوني اللي اداني الفرصة العظيمة دي
شقت ضحكاته طريقها من أعماق الۏجع الساكن بصدره إثر مزاحها و قال يشاكسها
فكريني أشكره بنفسي بعد و جو رومانسي أعملي حسابك عايز كل يوم من دا
لونت السعادة ملامحها حين أجابته
أنا عن نفسي مستعده بس هينفع نتعشى كل يوم لوحدنا
اقترب ملتقطا زيتونه من الأطباق أمامه وهو يقول بإختصار
ينفع
إزاي طب
الحاجه مش هتزعل
لون المكر عينيه وهو يقول
لما الحاجة تلاقي مرات ابنها كل يوم مجهزاله عشا حلو زيها كدا اكيد هتفرح
فرح بتخابث
اه قول كدا يعني عايزني كل
جذبها لتجلس بقربه و أخذا يتناولان العشاء سويا وسط دلالها و مزاحها الذي راق له كثيرا و ما انتهوا حتى توجهت انظارها إليه و قد غمرتها الجدية حين قالت
نتكلم شويه بقي
هاتي اللي عندك
تحمحمت بخفوت قبل أن تبدأ في الحديث قائلة بتعقل
مبدأيا أنا مش مصدقة أن مروان يعمل كدا خلينا متفقين أني أول ما شوفت الفيديو اڼصدمت و الصدمة شوشت تفكيري لكن بعد ما هديت جه في بالي ألف سيناريو و سيناريو للي شوفته ممكن يكون واحد فيهم صح
اختصر حديثه مستفهما
زي
واصلت إقناعه قائلة
زي مثلا يكون مروان بيضحك عليه عشان يجيب آخره أو مثلا يكون الراجل دا هدده بحاجة
تحدث بجفاء
وليه أنا معنديش علم بحاجة زي دي
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها قبل أن تقول
الصراحة معنديش إجابه على سؤالك بس إحنا ممكن نصبر لحد ما نشوف إذا كان هيقولك ولا لا
أجابها باختصار
لحد امتى
مش محددة الوقت بس الحياة هتمشي زي ما هي و طبعا لازم نكون حذرين في التعامل لحد ما نشوف اللي جاي مخبي إيه
لم يجبها إنما توجهت نظراته للبعيد ف انخرط لدقائق في التفكير قبل أن يقول باختصار
هنشوف
أن شاء الله خير خليك متفائل
بدت لطيفة للغاية وهي تحاول بث التفاؤل بداخله فتبددت ظلمة عينيه التي حاوطتها بنظرات تغلغلت إلى داخلها قبل أن يعتقلها يديه وهو يقول بتخابث
تقريبا كان في حاجة شوية حاجات كدا محتاج أقنعك بيها صح ولا أنا غلطان
اخفضت رأسها خجلا و قالت بخفوت
مبتنساش حاجة أبدا
كل حاجه في الدنيا دي قابلة للنسيان ألا أنت يا فرح
اخترقت كلماته جدران قلبها و خاصة تلك النبرة الشغوفة التي لها مفعول السحر على جسدها الذي غمرته
نشوة العشق فهمست بخفوت
بحبك يا قلب فرح
لم تدع مجال للحديث فقد تراقص اللهب في عينيه و أيقظت كلماتها بداخله جيوش الشوق و العشق معا فكان مزيجا رائعا من الشعور الذي غمرها به وهو يتخطى كل شيء للوصول إليها فلم ينتبه لصينية العشاء التي سقطت
أنت اختصار لدنيتي بحالها يا فرح أنت دنيا اتمنى أني أعيش و أموت فيها
وجودك هو الخيط الفاصل بيني وبين الهلاك تلك البقعة البيضاء في عالم مليء بالضباب النقاء وسط أنفس طمسها السواد و قلوب لوثها الجشع
نورهان العشري
صباحا دلفت إلى الداخل بعد أن سمعت إذن أمينة لها بالدخول فما أن وطأت أقدامها أرض الغرفة حتى لمع وميض الدهشة في عينيها قائلة
إيه دا أنت هنا
تحدث سالم بخشونة
أنت شايفة ايه
تجاهلته ووجهت انظارها الى أمينة التي قالت بجدية زائفة
إيه يا ست فرح مش عارفه أقعد مع ابني شويه منك
شهقت متفاجئة
ماما أنت بتتكلمي جد أنا معرفش والله إنه هنا
غيرت دفة الحديث قائلة بتقريع
و في واحدة بردو متعرفش جوزها فين
تراقص المكر بعينيه وهو يقول
في دي عندك حق يا حاجة
أيقظ جيوش التمرد بداخلها ف المتبادلة بينهم قائلة بنصح
لا في دي عندك حق مينفعش الراجل يخبي عن مراته حاجه مراتك
دي جيشك اللي لو الناس كلها اتخلت عنك هي تبقى في ضهرك
صاحت مصډومة
لحظة واحدة أنت بتغيري كلامك يا ماما ! أومال فين بقى الراجل بيحب الست الضعيفة اللي متعملش رأسها براسه و كان ناقص تاخديني قلمين
إبتسمت أمينة بهدوء قبل أن تجيبها
مازحة
أنا مازلت عند رأيي بس مع بعض التعديلات و بصراحة أنت كنت غيظاني بلسانك الطويل دا
تمتم ساخرا
والله لسانها دا مضايق ناس كتير
برقت عينيها إثر سخريته فتدخلت أمينة بجدية
بقولك إيه أنت وهي سيبونا من الكلام الفارغ دا أنا عايزة حفيد بقولكوا اهوة
تحدت بلهجته الفظة التي لامسها غرورا يليق به
أنا عن نفسي عامل اللي عليا و زيادة قولي لها هي الكلام دا
امتزج الڠضب و الخجل معا فولدا مزيج مثير على ملامحها التي تخضبت بحمرة رائعة بينما تراقص اللهب في عينيها فتمنى للحظة لو كانا بمفردهما لكان قطف ثمار هذا الخجل و استبدل نيران ڠضبها بأخرى أشد لهبا و لاحترق المكان من حولهم كما هي العادة
أنت هتقولي دا أنت سالم الوزان ابن منصور الوزان على سن ورمح
ود لو يطلق العنان لقهقاته إثر حديث والدته وثب قائما وهو يقول بفظاظة
هسيبك يا حاجة ورايا شغل كتير يالا يا فرح
تدخلت أمينة قبل أن تسنح لها الفرصة لإجابته
لا سيبلي فرح عيزاها في كلمتين
ماهي دانت معاك عند الدكتور الصبح
مرات ابني و عيزاها يا سالم عندك مشكله
شملتهم عيناه بنظرات متفحصة قبل أن يومئ برأسه دون حديث متوجها للخارج أمام
أنظار أمينة التي ما أن شاهدته يغلق الباب حتى قالت بلهفه
ها يا فرح عملتي اللي قولتلك عليه
فرح بهدوء
عملته يا حاجة بس
قاطعتها أمينة بصرامة
مابسش يا فرح لما الموضوع يخص الناس اللي بتحبيهم مينفعش نسيب حاجة للظروف
اومأت فرح بتفهم فشعورهم متبادل و مخاوفهم واحدة
مبترديش على تليفوناتي ليه يا شيرين
هكذا تحدث ناجي وهو يجلس أمام مقود السيارة و بجانبه شيرين التي كانت تخفض رأسها
متابعة القراءة