ضبط واحضار بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

مجموعة من الشباب الحانق من مسافة لا
همهمت بسنت في تلقائية
شكلها خناقة.
ردت بهاء بتوجس
ما تخلينا نبعد.
أصرت على البقاء للمتابعة هاتفة بتصميم
استني أما نشوف هتخلص على إيه.
احتد الجدال أكثر وراح الشاب الآخر يرد بغلظة
وإنت يعني اللي بتفهم ما إنت تور الله في برسيمه.
في التو زادت حمئة الأول ونعته بلفظ ناب
تصدق إنك عيل ...!
جرحه لكرامته الرجولية وإهانته بهذا الشكل الڤاضح والفج جعلته يثور ڠضبا فأراد الاڼتقام ممن أساء إليه فھجم عليه بعداوة وشراسة ليلكمه في وجهه ليتحول الآخر لوحش حاقد ويرد له الصاع صاعين هنا صړخت بسنت في ذهول 
أوبا دول مسكوا في بعض!
لجأ الشابان للإمساك بكل ما تطاله أيديهما للتشابك في خشونة وحدة فالتقط أحدهما عصا خشبية ورفعها في الهواء ليضرب بها ظهر الآخر بقسۏة فأسرع الأخير بالتقاط قالب من الطوب ليقذفه ناحيته بقوة فانحنى ليتفاداه وحينما تجاوزه وصل كالقذيفة نحو المتفرجتين من مسافة عدة أمتار لتصرخ بسنت محذرة رفيقتها في ذعر 
حاسبي يا بيبو!
لم تتمكن بهاء من الابتعاد في اللحظة المناسبة عن موضع الخطړ فاصطدم القالب بساقها وأصابها بالألم الشديد لتصرخ من الۏجع القاسې
أي!
انحنت لتتفقد مكان الإصابة وإلى جانبها رفيقتها التي تحول فضولها إلى خوف في لمح البصر بينما ظهر عمر من العدم ومعه بضعة ممن يعملون تحت قيادته ليقوموا بفض هذا التلاحم البشري بقوة شديدة وصوته يرن في الأرجاء
في إيه إنت وهو!!!
نجح هو ومن معه في إبعاد الشباب المتشاحن وتساءل بصوت جهوري مزعوج للغاية 
إنتو فاكرين نفسكم فين
وقعت أنظاره على بهاء وبسنت فصارت عيناه قاسيتان حيث ظن باعتقاده الخاطئ أنها مشاجرة معتادة تخص معاكسة الفتيات للظفر بإعجابهن ولكونهما يقفان في وسط المشاحنة المحتدمة فأساء الفهم وفسر الموقف بشكل مغاير للحقيقة لهذا قرر التصرف فورا وبحزم فما كان منه إلا أن صب جام غضبه على كل الموجودين وهدر آمرا أحد رجاله بصيحة مجلجلة جاعلا من حوله يضطربون قلقا
هاتلي الشرطة العسكرية أوام وأمسك كل اللي واقفين هنا!
آنئذ تشبثت بسنت بذراع رفيقتها وكأنها تتخذها درعا بشريا لحمايتها لتردد في ذعر ونظرات الهلع تطل من عينيها
الحقي يا بهاء بيقولك الشرطة العسكرية احنا كده روحنا ورا الشمس.
اللجوء لذلك الحل
الصارم يعني التعرض لمشاكل جسمية ربما لن تنجو أيا منهما منها بسهولة لذا هتفت بهاء دون تفكير وهي تستحث رفيقتها على التراجع والفرار قبل فوات الأوان
تعالي نجري قبل ما يشوفنا.
تسمرت كلتاهما في موضعهما بفزع كبير عندما أتى صوته القوي من خلفهما بما تضمن الټهديد العلني
وهاتلي الجوز دول كمان بدل ما يتعملهم أمر ضبط وإحضار !!!!
يتبع الفصل السادس
الفصل السادس
الفصل السادس
في لمح البصر تحولت من ضحېة مجني عليها إلى مدانة ومتهمة بالمشاركة في إحداث الشغب بالمعسكر التدريبي جمدتها الصدمة وحين استوعبت ما يحدث وجدت عمر قد ابتعد عن محيط المكان وأفراد الشرطة العسكرية قد أحاطت بالجميع من كل اتجاه ليقوموا بعدها باقتياد أصحاب المشاجرة نحو المبنى الخاص بالضباط والقيادات العسكرية للتحقيق معهم. اعترضت بهاء على مسألة اعتقالها هي ورفيقتها بلا وجه حق ورفضت التحرك أو التجاوب مع أي منهم لتظل باقية في مكانها.
رفعت من نبرتها المستهجنة مدافعة بقوة عن موقفها البريء
احنا معملناش حاجة علشان نتاخد كده في الرجلين.
رد عليها الضابط العسكري في نبرة هادئة لكنها رسمية
يا أستاذة من فضلك تعالي معانا بلاش تصعبي الموضوع عليكي وعلينا.
تشبثت برأيها العنيد أكثر وهتفت بتصميم
اللي بيحصل ده فيه تعنت وظلم
ومن حقنا ما نسكتش عنه.
تحير الضابط في شأنها وحاول التعامل مع عنادها بالحكمة وضبط النفس لإقناعها بالعدول عن قرارها فطلب منها بنفس الصوت الهادئ
تقدري تقولي كل الكلام ده في التحقيق يا أستاذة ولو صاحبة حق أكيد هيرجعلك.
توسلت بسنت إلى رفيقتها لتتراجع عن رأيها هامسة
بلاش معاندة يا بيبو الموضوع شكله جد مش هزار وخلينا نقول اللي حصل احنا كده كده مضطرين نروح معاهم.
تجهمت تعبيرات وجهها وهي تنظر تجاهها لتقول بعدما رضخت أمام رجاواتها البارزة في عينيها المرتاعتين
ماشي علشان خاطرك بس.
ابتسمت لها في امتنان لتتحرك الاثنتان بعدئذ في الطريق المؤدي إلى ذلك المبنى وبهاء تحاول جاهدة التحامل على نفسها وعدم إظهار تألمها من إصابة قدمها الموجعة لهذا كانت تعرج قليلا في خطواتها. التقطت عيناها وهي تسير تلك الكاميرات المعلقة في كل زاوية فتيقنت أن دليل براءتها لابد أن يكون مسجلا بالكامل. 
...............................................
بضعة درجات رخامية صعدتها على مهل حينما بلغت هذا المبنى وهي مستندة على ذراع رفيقتها نظرة خاطفة طافت بها على هيئة المبنى الخارجية كان مكونا من عدة طوابق ومطليا باللون البيج الفاقع مما أوحى لها أنه تم طلائه حديثا وعندما ولجت إلى بهو الاستقبال وجدته مرتبا ومنظما للغاية وفي كل ركن وضع أصيص من الزرع لإضفاء بعض الخضرة على المكان أما في جهة اليمين وجد مكتبا رخاميا للاستعلام وفي مواجهته تناثرت عدة مقاعد معدنية مخصصة للانتظار.
لم تتبين بهاء باقي التفاصيل حيث كان يعج بكل من تورط في المشاجرة دون أن يجرؤ أحدهم على الجلوس وكأنه تم حظر ذلك عليهم. انتبهت للضابط وهو يشير لها بيده نحو زاوية خاوية بها مقعد معدني مستطيل يسمح لثلاثة أفراد بالجلوس عليه. سارت نحوه وجلست ملاصقة لرفيقتها التي هتفت من فورها بصوت عبر عن خۏفها رغم خفوته
هو هيحصل فينا إيه
أجابتها بثقة مفرطة استمدتها من ثباتها الداخلي
ولا حاجة احنا مش طرف في المشكلة دي من الأساس.
ومع ذلك استمرت صديقتها تنوح في ندم
أنا حاسة إني عملت غلطة عمري لما اشتركت في الكورس ده كان فين مخي وأنا بوافق عليه
سئمت من تبرمها المزعج لذا نفخت في صبر نافد وأخبرتها بخفوت
بلاش ندب وإهدي.
لم تكف عن الشكوى فزادت في تحسر
ده احنا روحنا ورا الشمس يعني الحتة اللي محدش بيعرف يرجع منها تاني.
ڼهرتها مجددا في ضيق
اسكتي يا بسنت خليني أعرف أفكر.
بعدئذ خفضت بهاء من ذراعها لتتحسس موضع الألم في قصبة ساقها كانت بحاجة لوضع أي مادة مسكنة عليها وإلا لمنعها الۏجع القاسې من التحرك بسهولة فيما بعد. 
نفضة قوية نالت من جسد بسنت عندما جاء الضابط إليهما مرة ثانية ليقول
اتفضلوا الرائد عمر طالبكم جوا.
نهضت بهاء
أولا لتلحق بها بسنت وهي تهمس في توتر مشوب بالخۏف
استرها معانا يا رب ده احنا ولايا ومكسورين الجناح!
مستخدما خاصية إعادة البث راجع عمر ما سجلته كاميرات المراقبة قبل أن يقوم بالحديث إليهما كذلك لم يكن بحاجة للاستفسار منهما عما صار أثناء اندلاع المشاجرة فقد أدلى الشباب باعترافاتهم والتي خلت تماما من وجود أي صلة لهما بمشاحنتهم المتعصبة وبالتالي استدعائهما إلى مكتبه كان بغرض الدردشة والنصيحة فقط. لم ينكر أنه شعر بالانزعاج حينما لاحظ في الفيديو أن بهاء تعرضت للإصابة في ساقها فأراد الاطمئنان عليها لكنها لم تمهله كانت مندفعة كعادتها في كل مواجهة أو مشادة كلامية تحدث بينهما حيث تكلمت في نبرة هجومية
إنتو ماسكينا ليه احنا مالناش دعوة بحد.
نظر إليها مليا ليردف قائلا في صيغة آمرة
ولا كلمة لو سمحتي!
من تلقاء نفسها هتفت بسنت
والله ما عملنا حاجة احنا كنا بنتفرج بس.
ظلت بهاء مصرة على موقفها قائلة
من حقنا ندافع عن نفسنا طالما مش غلطانين.
انتصب في جلسته آمرا إياها مجددا وبلهجته الصارمة 
اسكتي شوية.
صمتت للحظة لتثبط من انفعالاتها وتابعت بملامح جادة للغاية
شوف يا سيادة الرائد في كاميرات في المنطقة أكيد مسجلة كل حاجة حصلت راجعها وحضرتك هتتأكد بنفسك إننا مش غلطانين.
رمقها بنظرة غامضة قبل أن يستطرد معقبا
وليه من الأول تحطوا نفسكم في موضع شبهات!!
هنا تكلمت بسنت من نفسها مغمغمة في نقم
نصيبنا وبختنا.
بينما علقت بهاء في شيء من المنطقية
وارد ده يحصل في أي مكان احنا مش مطلعين على الغيب.
ادعى عمر انشغاله بالعبث ببعض الأوراق ثم أرجع ظهره للخلف منهيا ذلك الجدال
المرادي أنا مخلي التحقيق ودي بس لو ده اتكرر ماضمنش تكون النتيجة إيه!
حينها فقط شعرت بسنت بالراحة تغمرها وشكرته بامتنان كبير
كتر خيرك يا باشا ده العشم برضوه.
على عكسها بدت بهاء مزعوجة من انحيازه الغريب ضدهما وسددت له نظرة مليئة باللوم ليتجاهلها هاتفا بلا تعبير مقروء
تقدروا تتفضلوا.
في غير تصديق مالت بسنت على رفيقتها تسألها وكأن النجدة قد أتتها من السماء
هنمشي
أجابت عليها باقتضاب عابس
أيوه.
بدا من العسير عليها استيعاب خروجهما من هذا المأزق العويص بهذه البساطة ودون عقاپ فكررت بسنت سؤالها بصيغة أخرى
احنا براءة كده صح
وقتئذ جذبتها بهاء من ذراعها للخلف لتدفعها نحو باب الغرفة وهي تخاطبها بصوت لم تجرؤ على جعله مرتفعا لكنه كان لا يزال حانقا
قولتلك أه بينا بسرعة قبل ما يغير رأيه ده أصله بحالات!
....................................................
تفاقم الألم في قصبة ساقها فكانت تعرج بشكل ملحوظ أثناء سيرها نحو الخيمات لتقوم بتبديل ثيابها الواقية بذلك الزي الرياضي الذي ارتدته في وقت سابق بعدما أعطى عمر أوامره بإنهاء التدريب لهذا اليوم. كانت بحاجة للاغتسال لكن لا سبيل لذلك لهذا اكتفت باستخدام المناديل المبللة لتنظيف وجهها وكتفيها ويديها. شاركتها بسنت نفس الخيمة بعدما انتهت رفيقتها من تغيير ملابسها فرأت أثناء محاولة بهاء لارتداء جواربها كيف ظهر التورم بوضوح عليها فانتابها القلق واستطردت تحادثها في جدية
ياني دي شكلها صعب أوي لازم تعالجي الخبطة دي بدل ما تقلب بمشكلة كبيرة.
تحسست بحذر إصابتها وردت وهي تثني طرف الجورب لئلا يمس موضع الألم
هعمل كده نخرج بس من هنا الأول وهروح لدكتور عظام يكشفلي عليها.
أخذت بسنت تشتكي في سخط
من يوم ما دخلنا التدريب ده واحنا عملنا اشتراك مفتوح مع الدكاترة اللي نعرفها واللي ما نعرفهاش.
أومأت برأسها مرددة وهي شبه تمزح
على رأيك يا خۏفي على نهايته نتشال على المحفة.
مشطت في عجالة شعرها المتناثر وقالت وهي تفتش عن باقي أغراضها الملقاة هنا وهناك لتجمعها
يعملوها فعلا هو
في حاجة مضمونة معاهم ده احنا كنا هنروح في داهية من ولا شيء.
ألقت بهاء بحقيبتها على كتفها بعدما أغلقتها
بس المفروض كان يعتذر لأنه ظلمنا وجه علينا.
نظرت إليها بسنت بجدية قبل أن تهتف
كويس إنه سابنا نمشي أصلا الحاجات دي مافيهاش هزار!
باعدت نظرتها المزعوجة عنها وهمهمت مع نفسها بلا صوت
الحمد لله إني مردتش عليه في رسالته كان زمانه ممروع عليا يستاهل إني مسألش فيه!!
لاحقا اجتمع كافة المشاركين في التدريب في المنطقة المخصصة لانتظار الحافلات ليتمكنوا من العودة إلى الأكاديمية. استندت بهاء على ذراع رفيقتها لتتمكن من الصعود حيث تم ترك المقاعد الأولى للشابات للجلوس عليها بالطبع لم تسلم من الأسئلة الفضولية والمتطفلة لمعرفة تفاصيل ما جرى في التحقيق عقب الإمساك بكل من تورط في المشاجرة. اقتضبت بهاء في الرد عليهن ومالت على رفيقتها تهمس
لها بتذمر منزعج
مش هنخلص النهاردة.
ردت عليها بسنت بنفس الصوت الخاڤت
أحسن حاجة إنك تطنشيهم.
أراحت بهاء ظهرها للخلف وأغمضت عينيها
تم نسخ الرابط