ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
لتستدعي ذلك الشعور المفقود بالراحة والاسترخاء وراحت تتنهد قائلة في رجاء
نفسي في دش سخن أوي.
بينما أخبرتها بسنت بتعب
أنا عايزة اللي يعملي مساج ويكبس كل حتة فيا!
سرعان ما فتحت بهاء عينيها في صدمة عندما تسلل إلى أذنها صوته الرخيم وهو يقول باحترام غريب عليها
اتفضلوا.
أمعنت النظر فيما يحمله في يديه قبل أن ترفع عينيها مرة ثانية لتنظر إليه بدهشة فلوح بزجاجتي المياه وعلبة من الدواء ناحيتها قائلا
في جراءة غير معتادة منها اختطفت بسنت الزجاجتين وتبسمت مرددة في امتنان
شكرا يا فندم تعبت نفسك.
ظلت بهاء على حالتها المندهشة تطالعه بفم مفتوح ونظرات متسعة ليخبرها مجددا وهو يلوح بالدواء أمام وجهها
المرهم ده هينفعك.
لم تحاول الحصول عليه فقامت بسنت بأخذه من يده وهي ترد بابتسامة عريضة
مش عارفين نقولك إيه كلك ذوق.
من إمتى اللطافة دي معانا
بلا تفكير أجابت بسنت وهي تحملق في وجه رفيقتها
أكيد حس بغلطه.
لم تبد بهاء مقتنعة بحسن نواياه وراحت تردد بقلق
مش مرتاحة.
استدارت بعدئذ بعنقها للخلف عندما تكلمت إحداهن من خلفها في شيء من المكر
لحظتها ردت عليها بسنت بغيظ وعلى ملامحها تكشيرة كبيرة
أهوو الأر ده اللي مخلينا نتسوى على الجانبين.
أضافت الشابة قائلة بتنهيدة والهة
ده الكل ھيموت عليه إنتي عارفة إني في بنات مخصوص مشتركة في التدريب ده علشانه.
بشفاه مقلوبة أخبرتها بهاء وهي تشيح بنظرتها المنزعجة بعيدا عنها
كادت ترد عليها بسنت أيضا لكن أمسكت بها بهاء من يدها وجذبتها قليلا وهي تهمس لها بجدية
ما تجادليش معاهم مش هنخلص النهاردة.
هزت رأسها قائلة باقتضاب
معاكي حق.
ثم مالت مجددا على رفيقتها تهمس لها بمرح وهذه النظرة العابثة تطل من مقلتيها
بس ما تنكريش إنه جدع.
ربما كانت محقة في رأيها الصادق عنه إلا أنها بين جنبات نفسها لم ترغب في الاعتراف بذلك. زفرت بعمق ثم رفعت بنطالها قليلا لتتمكن من وضع المرهم المسكن على موضع الإصابة في قصبة ساقها.
معاكو عربية توصلكم
بقيت حدقتاه عليها رغم تجاهلها الواضح في حين بادرت بسنت بالرد عليه وهي تبتسم له في رقة
أيوه احنا مظبطين حالنا.
أومأ برأسه مضيفا في هدوء
تمام ماتنسيش تستخدمي الدوا يا أستاذة بهاء بانتظام.
اضطرت أن تنظر إليه ومع ذلك أوجزت في الرد
أوكي.
تظاهرت أنها غير مهتمة به إلا أن بسنت كانت تتصرف على النقيض حيث هتفت في امتنان
شكرا على تعبك يا فندم.
استطرد فيما يشبه النصيحة لكلتيهما
ويا ريت مرة تانية تاخدوا بالكم يعني علشان ما تتحطوش في حوار مالكوش فيه.
في التو ردت عليه بسنت وابتسامتها تزداد اتساعا
أكيد.
استأذن بالانصراف قائلا بتهذيب
عن إذنكم.
ما إن غادر حتى همهمت بسنت تمتدحه في إعجاب
والله ذوق خالص.
زوت بهاء ما بين حاجبيها قائلة باستغراب
شكلك هتبقي من معجبينه!!
جاء ردها مبررا بمنطقية
طبيعي أعجب بيه لما يكون حد بالأخلاق دي.
واصلت الاثنتان التقدم في طريقهما لتتبدل تعابير الاسترخاء المرسومة على وجه بسنت إلى الضيق تماما قبل أن تغمغم بعبوس
يا ختاي الرخم جاي.
بشكل عفوي تطلعت بهاء أمامها فرأت أنس يمشي نحوهما وهو يبتسم لهما باستفزاز بالطبع لم يكن الوقت كافيا للانحراف عن مسارهما والبحث عن بديل سريع لتجنب الالتقاء به استوقفهما أنس مردفا بلزاجة
باين عليكم النشاط!
صمتت كلتاهما ولم تنطقا بشيء فاستمر يسألهما باستظراف
عجبكم التدريب ولا شكلكم مش أده!
كسا الامتعاض والتأفف وجهيهما فأكمل على نفس النهج السمج
عموما لسه في حاجات كتير مستنياكم بس مش متأكد إن كانت تنفع معاكو ولا لأ!
بفظاظة واضحة تعمدت بهاء تجاهله وسألت رفيقتها في تجهم كبير كأنما تبدي نفورها من حضوره غير المرغوب فيه
إنتي راكنة فين يا بنتي
أشارت بسنت بيدها قائلة
قدام!
دفعتها برفق نحو الجانب لتبتعد عن محيطه وهي تخبرها بصوت مرتفع تأكدت من كونه مسموعا له
طب يالا بينا بدل ما الجو بقى خنيق.
جملتها المسيئة إليه بشكل مستتر جعلت الډماء تثور بداخله تابعها أنس بنظرته الحادة وهي تتجاوزه ليقول من زاوية فمه بازدراء
بتتنطط على إيه دي! هي لسه شافت مني حاجة!
كان المساء لطيفا ومليئا بأجواء أسرية دافئة حيث جلست بهاء مع عمها وزوجته على مائدة تحوي كل ما لذ وطاب فقد كانت بحاجة للاعتناء بصحتها العامة اتباعا لتوصيات الطبيب حينما طمأنها على عدم خطۏرة إصابة ساقها بعدما ذهبت للكشف عليها. لم يكن سليمان راضيا عما وصفه برعونتها وعاتبها باستياء
وعليكي بالغلب ده كله إيه ما تسيبك منه!
ابتسمت قائلة في صوت هادئ لتقنعه بعدم تضخيم الأمور
يا عمي وارد ده يحصل في أي مكان وبعدين الدكتور طمني مافيش حاجة خطېرة الحمد لله...
ثم التفتت ناظرة إلى زوجته لتخاطبها
ولا إيه يا طنط مش حضرتك سمعتي بنفسك الدكتور قال إيه
تدخلت في الحديث هاتفة وهي تضع المزيد من الطعام في صحن بهاء
أه يا سليمان هي كويسة والله خليها تشوف مستقبلها وتتعلم اللي ينفعها.
على مضض همهم وهذا التجهم يسود قسماته
طب كلي يا بهاء قبل ما الأكل يبرد.
اتسعت ابتسامتها أكثر وراحت تعلق في مزاح
حاضر أنا باكل أهوو حتى بص يا عمو ده أنا طلع لكرشي كرش.
ضحك على هيئتها الساخرة وواصل تناول طعامه لتنهض فادية بعد ذلك من مقعدها حتى تتمكن من إحضار علبة الهدايا التي اشترتها اليوم. استطردت بحماس مطعم بالغموض
أما أنا عملالك يا بيبو مفاجأة حكاية.
غامت تعبيراتها قليلا وهتفت في رجاء
يا رب ما يكونش عريس.
زمت فادية شفتيها مرددة بعدما ندت منها تنهيدة صغيرة
يا ريت والله بس إنتي توافقي.
وضعت بعدها العلبة البيضاء الصغيرة أمامها وقالت باسمة
اتفضلي.
أخذتها بهاء منها وهذه النظرة الفرحة تحتل حدقتيها فمن وقت
لآخر تسعى زوجة عمها لإسعادها بإحضار الهدايا المختلفة لها لتدخل عليها المزيد من السرور في التو فتحت الغطاء لتنظر إلى ما أحضرت وهتفت في حماس عظيم
الله ساعة سمارت!
قفزت من مقعدها واتجهت إليها لټحتضنها وهي تشكرها
حبيبتي يا أحلى طنط.
ضمتها إليها وقبلتها من وجنتيها لترد في غبطة
يا رب دايما أشوفك كده مبسوطة.
بينما تساءل سليمان مندهشا
وعرفتي الساعة السمارت دي إزاي يا فادية
أجابته في الحال
جبتها من الأونلاين.
تعقد جبينه مبديا استنكاره
من النت هو في حاجة فيه مضمونة! ده الڼصب كله بيحصل فيه.
تحدثت إليه لتقنعه بجودة المنتج
دي جارتنا شغالة في الحاجات الأونلاين ووصيتها عليه وهي الله يباركلها متأخرتش عني وجيبالي حاجة ماركة ومعروفة.
من تلقاء نفسها تكلمت بهاء معبرة عن سعادتها
يا طنط أنا أي حاجة منكم بتفرحني والله حتى لو كانت إيه! ربنا يخليكم ليا.
مرة ثانية احتضنتها زوجة عمها وربتت على كتفيها
هاتفة بشيء من التضرع
عقبال يا رب ما أتعبلك في جوازك.
كان بحاجة ماسة للاغتسال بعدما انتهى من ممارسة تمرينه الخاص بفنون القتال استطاع أن يحافظ على لياقته البدنية وكذلك دقة ضرباته وركلاته وحتى في طريقة تفاديه لمحاولات الطرف الآخر للنيل منه. جلس عمر على المقعد الخشبي المستطيل في غرفة تبديل الثياب ينظر بشرود إلى خزانته المفتوحة فقد لاح في عقله طيف بهاء وهي تتعرض للإصابة غير المقصودة أثناء اندلاع المشاجرة الصباحية. استاء من نفسه لأنه تركها تمضي دون أن يطمئن فعليا عليها ماذا لو كانت إصابتها خطېرة أمسك بهاتفه المحمول ونظر إلى الرسائل الإلكترونية تردد في الإرسال إليها وخاطب نفسه بلا صوت
ما جايز ما تردش المرادي كمان.
عبس بقسماته متابعا حديث نفسه
شكلي هيبقى بايخ أوي.
تحول ضيقه إلى المزيد من التقريع وتأنيب الضمير وتفاصيل إعادة المشهد تتجسد في خياله فراح يهمهم دون أن ينبس بكلمة
المفروض كنت أخد بالي أكتر من كده من أي ثغرات تحصل في أي معسكر وإلا هعرض ناس معندهاش خبرة للخطړ.
انتشله من أفكاره العميقة صوت أنس المزعج
يا عمر باشا بنادي عليك وإنت مش هنا خالص.
أدار وجهه ناحيته ليتطلع إليه متسائلا
عاوز إيه يا أنس
أخبره في تحمس
مش ناوي تيجي معايا أنا مظبط سهراية تمام التمام.
باعد عينيه عنه متمتما
ماليش في الجو إياه بتاعك.
تحرك أنس ليصبح في مواجهته وألح عليه بتصميم
دي حاجات لزوم الفرفشة والترويح عن النفس.
ابتسم عمر في سخافة قبل أن يسأله
والمرادي بنت جديدة ولا لسه شابك مع اللي إنت معاها
رفع ذراعه للأعلى ليحك مؤخرة عنقه واستطرد في استرسال
الصراحة هي عرفتني على واحدة أنأح منها بس أنا علشان بحبك وبفكر فيك قولت أسيبهالك تشوفها الأول لو عجبت فأنا .. لو لأ فهجرب حظي معاها.
بما يشبه النصيحة خاطبه بعدما أخرج ثيابه النظيفة من الخزانة
أنا رأيي تركز في شغلك أحسن لأن كتر الحاجات دي تجيب الكافية!
ثم هم بالتحرك لكنه استوقفه معترضا طريقه متسائلا
يعني قولت إيه برضوه
أزاحه عن طريقه قائلا بثبات
أنا من كل الهجس بتاعك ده!
عادت في ساعة شبه متأخرة إلى بيتها ومعدتها منتفخة بشكل واضح ولما لا تشعر بالشبع والامتلاء وقد أفرطت في تناول أطباق زوجة عمها الشهية تحسست بهاء بطنها برفق وهي تسير بخطوات كسلى نحو غرفة نومها لتستلقي على الفراش. تثاءبت بصوت مسموع ثم فردت ذراعيها بطول السرير وحين أدارت رأسها للجانب لمحت علبة الدواء الموضوعة على الكومود رفعت من جسدها قليلا لتمسك بها وضعتها ڼصب عينيها وهي تتذكر ما قاله الطبيب عن ذلك الدواء بأنه فعال وقوي التأثير لذا ابتسمت بعفوية لاهتمامه بشأنها لكن ما لبث
أن تلاشت بسمتها الصغيرة لتعطي تعبيرا جادا على وجهها قبل أن تفوه
هو متعود على كده أكيد مايقصدش يهتم بيا على وجه التحديد يعني.
تركت العلبة جانبا وأراحت ظهرها على الوسادة لتقول في إرهاق وثقل
صحيح مش لازم الواحد ينام على معدة فاضية بس الأكل كبس على نفسي مكانش لازم أتقل فيه بالشكل ده.
سحبت الغطاء على جسدها ورددت بصوت مال للنعاس
ربنا يستر وما يطلعليش كوابيس.
أغمضت جفنيها وراحت تتأوه في صوت خفيض وذلك الصوت يهتف في عقلها
أنا محتاجة مسكن لكل حتة في جسمي.
لم تستغرق وقتا طويلا لتغط في نوم عميق فكل عظمة من جسدها كانت تفتش عن الراحة وتتوق إلى الاسترخاء ورغم هذا لم تفارقها الأحلام المزعجة فأرقت مضطجعها وعاشت أجواء ذلك الکابوس المزعج فقد رأت نفسها متجسدة على هيئة أنبوب لمعجون الأسنان تم استنزاف ما فيه فأصبح فارغا لا يحتوي على شيء لإخراجه. حاولت التحرك فلم تستطع كانت تزحف على يديها وحين رفعت وجهها للأعلى وجدت عمر ينظر لها
متابعة القراءة