متيم بها لأمل نصر

موقع أيام نيوز


بتساؤل جعله يتحمحم مستجمعا نفسه ليرد برسمية لا تخلو من المماطلة
خلاص يا صبا انا هبحث الموضوع ده بنفسي واشوف اتصرف فيه ازاي
اومأت برأسها لتخرج تنهيدة مثقلة وكأنها أزاحت هما من صدرها لتستأذن خارجة فتتركه يراقب سيرها حتى خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها فاستطاع التحرك اخيرا 
ليجلس على حافة مكتبه بانشداه ظل ملازمه لعدة لحظات وهو يعيد برأسه اللقاء من أوله ليردد بعد ذلك بذهول مع ابتسامة ارتسمت على ملامحه

دي حتى مدتنيش فرصة عشان اشد ولا ارخي يا نهار أبيض قال وانا اللي كنت راسم وحاطط خطط.
توقفت بسيارتها في مكان قريب من المدافن لتكمل الباقي سيرا على أقدامها حتى وصلت للجزء المخصص لمقاپر العائلة طربت أسماعها بالصوت الملائكي الذي كان يصدح بترتل أيات القرآن الكريم وكانت المفاجأة حينما علمت بهوية القارئ الذي كان جالسا بالقرب من قبر أبيه يتلو اخر ألأيات من سورة ألرحمن فظلت واقفة محلها تتابعه بقلب يخفق بقوة تقارب القفزات في صدرها لا تصدق أن شقيقها الصغير كبر وتغير في هذه السنوات القلائل التي غابتها عنه ليصبح بهذه الصورة الرائعة وهذه النضج الأخلاقي والديني ايضا لقد اضحى شخصا اخر رغم سنوات عمره الصغيرة يسر العين ويسعد القلب. 
يبدوا أنه قد شعر بها وذلك لالتفاف رأسه نحوها فور انتهائه من القراءة فكانت فرصتها لتهجم عليه بشوقها وفرحها تعانقه بذراعيها وتقبله على وجنتيه مرددة
ميدو يا روح قلبي بسم الله ما شاء الله عليك ايه الجمال ده ربنا يحفظك يا حبيبي ربنا يحفظك 
حينما انتبهت اخيرا على جموده وقد كان كالتمثال يطالعها متوسع العينين بجزع فابتعدت بإجفال تسأله
إيه يا قلبي هو انت هتعمل زي المرة اللي فاتت ولا إيه مش معقول كمان تكون المرة دي معرفتنيش. 
رده خرج بفظاظة لم يقصدها
ابتلعت ريقها بحرج تستنكر قوله باستهجان
يااه ست غريبة كمان! مش لدرجادي يعني انا اه اتغيرت بس انت أكيد عارفني يا ميدو لو مش بشكلي ولا حتى صوتي يبقى ع الأقل تعرفني بشهرتي ولا انت هتنكر دي
نهض فجأة ليحدثها من مستوى طوله المقارب لطولها الان 
لا يا رباب مش هنكر انك مشهورة حسب ما بسمع بس بصراحة أنا مش متابع حساباتك لأن المحتوى اللي فيها لا هو هادف عشان يعجبني ولا حتى هينفعني في دراستي يبقى اضطر اتابعه ليه
هو صغير ولا يعلم بتأثير كلماته الحادة عليها.
هذا ما كانت تردده بداخلها لتعطيه المبرر لتسامحه شقيقها الصغير الذي تربى على يديها يقرعها بكلمات قاسېة والان يزيد عليها بنظرات غير مريحة تشمل ملابسها حتى ما ترتديه في قدميها في الأسفل ليفاجئها بقوله
ايه اللي انتي لابساه وجاية بيه دا يا رباب
بتعالي مقصود سألته
وماله بقى لبسي ما هو دا استايلي اللي مشهورة بيه ما انت لو متابع هتعرف.
ومش عايز اعرف
قالها بحدة وأعين مشټعلة متابعا
يا ست يا مشهورة إستيالك ده ع الشاشة مش ع الأرض وفي حتة طاهرة زي دي طب قدري حتى رهبة المكان جيالي ببنطلون تحت الركبة وبلوزة محددة معالم....... استغفر الله العظيم يارب.
تمتم بالاخيرة يتنحى بوجهه عنها ليزيد على حزنها فردت بأعين دامعة
على فكرة انت اخويا الصغير وانا اللي مربياك مش انت اللي
مربيني. 
تجعد وجهه بامتعاض وتهكم واضح لجملتها فهتفت بدافعية
ويكون في علمك بقى انا جيت على غفلة من غير تحضير حسيت نفسي مخڼوقة وسوقت عربيتي على هنا يعني مكنش عندي وقت افكر في اللي لابساه.
عاد برأسه إليها وملامح وجهه ما زالت معقدة ليردف في حنق
انتي حرة يا رباب يعني انا ما ليش حق
احاسبك .
دنى ليتناول حقيبة مدرسته فتح السحاب ليضع المصحف الشريف بداخلها قبل أن يغلقها ويعلقها خلف ظهره قائلا اخيرا
ارجو منك بس المرة الجاية تديني تنبيه وانتي جاية تسلمي على ما اتعود ع الشكل الجديد يعني.
تحرك خطوتين ثم التف برأسه نحوها قائلا
حاجة اخيرة أحب افكرك بيها للمرة الثانية انا أسمي محمد معدتش ينفع معايا دلع ميدو عن اذنك. 
ختم بالاخيرة ليغادر نهائيا وتسقط هي على عقبيها مڼهارة بالبكاء بجوار قبر والدتها وحيدة منبوزة لا تجد أحد بجوارها يؤازرها بقلب المحب في محنتها إلى من تلجأ وقد ضيعت نفسها بعد ان استبدلت دفأ الأسرة بمال وعشق مزيف هانت عليها نفسها فهانت في أعين الجميع .
بوجه ناعس خرج من غرفته يبحث عن والدته بعد أن 
استيقظ قرب العصر وقد قرص الجوع معدته ويريد سد حاجته بأي لقيمة من الطعام وصله صوتها من داخل غرفة المعيشة ليحدد وجهته نحوها تلتقط أسماعه ما تتفوه به
حلو اوي الطقم الفوشيا يا حسن اشتريه يا حبيبي مهيمكش من اعتراضها........ وهي عايز تجيب إيه........ لا لا يا حسن بلاش الالوان الكاتمة والغامقة متطاوعهاش على جنانها. 
دلف إليها متعقد الحاجبين باندهاش ليجلس بالقرب منها بوجه متسائل رغم أثر النوم عليه يدلك بكفه على خلف عنقه تجاهلته مجيدة عن عمد لتتابع مكالمتها باهتمام
خرجت من أمين باندهاش لتحدجه مجيدة بشراسة تبرق عينيها نحوه بتحذير بعد أن التقط هفوتها ليعقب متهكما
وانا مالي يا ست ما تنقي انتي كلامك الله.
زفرت بقنوط لتنهي المكالمة على عجالة حتى تفرغ له
تمام يا حسن أي جديد بلغني وابعتلي الصور ع الوتساب اعتبرني ماشية معاكم في السوق....... إيه الحاجات التانية دي ال......
قطعت لتطلق ضحكة رنانة أثارت اهتمام أمين ليتيقن من حدسه بعد قولها
مش دلوقتي يا منيل اصبر شوية للبت تكش منك دا احنا مصدقنا انها فكت شوية...
ختمت بضحكة قبل أن تلتفت نحو الاخر فوجدته يرمقها باستنكار رافعا طرف شفته غارزا سبابته في وسط وجنته كادت هيئته أن تضحكها ولكنها تماسكت لتخاطبه بجدية
نعم يا حليوة وشك مقلوب كدة ليه
بغيظ شديد كان يصدر مع كل حرف يتفوه به رد يجيبها
على فكرة بقى أنا صاحي أوي ووصلني الجزء الأخير من المكالمة قولي لابنك الساڤل قليل الأدب يلم نفسه دا احنا لسة ملبسناش دبل أمال لما نكتب الكتاب هيحصل إيه اللي كنا فاكرينه مؤدب وبيتكسف طلع مية من تحت تبن.
كبحت طيف ابتسامة عابثة كادت أن تفضحها لتتخصر قائلة بمقارعة
اسم الله يا حبيبي واقوله ليه بقى يلم نفسه ما هو قاري فاتحة وكدة كدة هنلبس دبل الأسبوع اللي جاي ووعد عليا يا حسن لاكون كاتبة كتابك في أسرع وقت ثم كمان يعني الشقاوة مطلوبة بين كل اتنين مخطوبين عشان ياخدوا على بعض وكدة.
ردد صائحا خلفها باستهجان
ايه ياخدوا على بعض من دلوقتي! في إيه يا ست الناظرة دا انتي كنتي شديدة زمان ليه بقى جايا ترخي دلوقتي وابنك في سن خطړ والوضع ميسمحش. 
هذه المرة لم تقوي على الكبت أكثر من ذلك لتضحك ملء فمها مرددة له
لأ يا حبيبي يسمح مش هيتجوز ويخلصني من مسؤليته يبقى يعمل اللي هو عايزه قال يسمح قال.
قالت الأخيرة لتنهض مكتفية بهذه الجرعة وقد اعتلى الحنق قسماته لتتمتم ببرائة تدعيها
ها عقبال يارب كل اتنين بيحبوا بعض.
تحركت خطوة لتلتف إليه سائلة
أحضرلك غدا يا أمين اكيد يا حبيبي جعان امال يعني قايم كدة بخلقتك المقلوبة دي ليه
اكتفى بالصمت مضيقا عينيه وزفير سخطه يخرج الدخان من إذنيه وفتحتي منخاريه.
ادعت التغافل لتكمل في الخروج مرددة
هروح احضر غدا بس انت افرد وشك شوية.
وصلت لنصف المسافة لتعود إليه مرة أخرى قائلة
اه صحيح يا أمين انا خارجة بعد شوية لو مش فاضي توصلني معاك اتصلي بتاكسي يجي ياخدني.
ليه رايحة فين
سألها بخشونة يظهر انزاعجه وردت تجيبه بتنهيدة أسى
مشوار مهم والنبي يا بني حكم الست أنيسة لما اتصلت بيها من شوية بلغتني ان ضغطها واطي وحاسة ان عضمها متكسر.
علق على الأمر وكأنه حدث جلل
يا نهار أبيض ضغطها واطي وحاسة كمان ان عضمها متكسر... لا انا هروح معاكي اطمن ع الست ميصحش برضوا.
أومأت بابتسامة جانبية وهي تستدير عنه مدمدمة
اه يا حبيبي ميصحش امال ايه دا كفاية صنية الكيكة اللي هبشتها لوحدك
بسسسس اوقف هنا.
قالتها شهد ليذعن حسن لطلبها ويوقف السيارة بالقرب من الشارع المتواجد به منزلها قائلا
طب ما احرك العربية شوية واوقفها قصاد البيت ولا هو الشارع ضيق ومش هينفع اخرج منه يعني
بابتسامة ردت وهي تتناول الأكياس الممتلئة عن أخرها بالملابس
لا يا حبيبي الشارع يسمح طبعا بس انا مش عايزة الفت نظر الجيران ويمسكوا سيرتي بقى راحت مع خطيبها رجعت مع خطيبها .
اوقف محرك السيارة والتف لها يقول باستهجان
طب وفيها ايه يعني يا شهد ما يقولوا اللي يقولوه.
مش انا خاطبك وقاري فاتحة قدامهم كلهم.
تنهدت تشيح بوجهها وابتسامة عزبة تزين ثغرها قبل أن تعود إليه شارحة
يا حسن افهمني انا بتكسف والله من تعليقاتهم يعني مش كفاية منظري النهاردة قدام العمال لما سحبتني من أيدي قدامهم قال إيه عشان ابعد عن الشمس لا تحرقني انا كدة هبان طرية في نظرهم يا حسن. 
بابتسامة عبثية ارتسمت على ملامحه علق بمكر زاد من خجلها
ومالوا بقى لما تبقي طرية هي دي صفة وحشة يا شهد
ضحكت لتخبئ بكفها على عينيها فجعلته يضحك هو الاخر لتعلق بقلة حيلة
يا عم ارحمني بقى اقسم بالله انا بجد مستغرباك هو انت كدة من الأول ولا انا اللي مكنتش واخدة بالي منك ولا إيه بالظبط
رد بضحكة مشاكسة
ما انا قولتلك يا ست البنات أنا ابن مجيدة يعني تتوقعي مني أي حاجة. 
اضزداد اتساع ابتسامتها لترد ببهجة تغمرها كل ما ذكر لها اسم والدته والتي منذ أن تمت خطبتها به وهي تحاوطها بحنانها والسؤال الدائم عنها وعن أخبارها باهتمام في أقل تفاصيل يومها حتى في انتقاء الملابس الاتي تخصها وذلك بإصرار من حسن ليعيدها إلى عهدها القديم في الدلال الذي تناسته برحيل والدها
ماشي يا بن حضرة الناظرة هنفوت لك لاجل خاطرها بس.
همت أن تترجل ولكنه أوقفها فور أن وضعت يدها على عتلة الباب قائلا
طب مش تخلي عندك ډم بقى وتعزميني حتى على كوباية شاي.
طالعته بتحذير تهز رأسها قائلة
ما احنا قولنا مينفعش دا غير ان احنا اساسا معظم اليوم مع بعض وبالليل
بنبقى ع التليفون خليها قريب بقى نعزم ابلة مجيدة على عشا او غدا.
يفهم وجهة نظرها التي تزيد من قدرها في قلبه ولكنه يصر على منكافتها بقوله
ماشي يا ست شهد نصبر على ما تيجي ميعاد العزومة 
قرب رأسه منها متابعا بهمس ومرح
حتى عشان بالمرة نستعجل بميعاد الجواز ما هو انا لازم الاقيلي منفعة.
ابتعدت برأسها عنه لتترجل على الفور قبل أن تلقي قولها الاخير
خلاص يبقى هنأجل العزومة يا حسن.
اغلقت الباب ليتمتم من محله خلف عجلة القيادة
دا على أساس ان أبلة مجيدة هتسيبك غلبانة والله يا شهد.
تركته وسارت بقلب يخفق بسعادة تحاول جاهدة للملمة ابتساماتها مع تذكرها لكل كلمة جميلة أو
 

تم نسخ الرابط