متيم بها لأمل نصر

موقع أيام نيوز


ابو ليلة ما شوفتيش يا حبيبتي جوز اختك وهو بيهيص لهم من مطرحه اللي قاعد فيه.
تطلع أبراهيم نحو الجهة التي أشارت إليه والدته ليجد والده يتابعهم بابتسامة متسعة وكأنه يزوج ابنته البكر فخورا بها.
زفر مطولا يحاول التماسك والتحلي ببعض الصبر الذي وعد به نفسه كي يبدوا طبيعا أمام الجميع مخفيا ما يكنه صدره.
وإلى صبا التي اقتربت من الطاولة التي تجلس عليها والدتها بطلتها البهية كالعادة بل وتزيد عليها اليوم بزينة اخت العروس كما وصفت نفسها لكل من سألها عن جهة القرابة بينهم مرتدية فستان من اللون الجملي اضفى على بشرتها الخمرية الضياء واللون المميز لعيناها اظهرت جماله الصارخ برسمة للعين ما أروعها مما جعل والدتها تردد الأدعية الحافظة فور أن وصلت إليهن لتقلدها مجيدة لكن بصوت عالي

بسم الله ما شاء الله ايه القمر اللي طل علينا ده
ضكحت بمرح
أمر بالستر ربنا يحفظك يا ست مجيدة مبروك للعريس.
الله يبارك فيكي يا حبيبتي عقبالك يا رب.
قالتها مجيدة لتردد من خلفها زبيدة
ان شاء الله جريب وهنجيبك تحضري معانا ما انتي بجيتي من أهل البيت خلاص. 
ردت بمحبة خالصة وهي تشير بسبابتها أسفل عينيها
من عنيا الجوز بس انتوا شكلكم في موضوع وانا مش هحشر نفسك وهستنى الدعوة.
صمتت صبا تاركة لوالدتها التفسير الذي خمنته من البداية لتخبر مجيدة عن موضوع الساعة في منزلهم وذلك لقدوم هذه العريس المزمع غدا في جلسة التعارف المتفق عليها كما هو معلن لكن كما ترى من والديها يبدوا أن الأمر محسوم. 
أخرجتها أنيسة من شرودها بالسؤال عن ابنتها
هو انا ليه مش شايفة لينا من ساعة ما وصلتوا
انزاحت قليلا من أمام المرأة لتشير لها نحو إحدى الزويا من القاعة قائلة
لينا حضرت وجات معانا اهي هناك دي اللي بتهزر مع حضرة الظابط. 
تطلعت مجيدة هي الأخرى بتدقيق لتجد اندماجا بين الطرفين النقيضين في الحديث والمزاح بل والضحك لتقطب مغمغمة بذهول
ايه هو ده هو انتوا كنتوا في سيشن التصوير مع العرسان ولا كنتوا فين بالظبط
في جنح الظلام وعلى أطراف أصابعه كان يتسلل بخفة داخل المنطقة العشوائية القديمة مستغلا انطفاء معظم اعمدة الانارة بها نتيجة الإهمال أو عمليات التخريب التي تحدث للمصابيج في كل معركة لمعتادي الإجرام من سكان هذه الأماكن وما يشبهها.
استمر بحرصه حتى اقترب من وجهته بالقرب من المنزل الموصوف والذي كانت أنوار نوافذه خير دليل على استيقاظ السكان بداخله ولم يأت ميعاد نومهم بعد.
القى بنظرة سريعة على ساعته والتي كانت لم تتعد الحادية عشر بعد ليدفع ببعض الزفير من انفه وفمه وقد ارتدت قدميه للخلف حتى وصل الى المنزل المهجور والذي سقط معظمه فيما سبق حتى اصبحت الجدران للنصف وأقل تخفى خلف أحدهم ليجلس منتظرا مجيء من أتى من أجله مخصوص بجلبابه الأسود وغطاء الوجه الذي التف حوله ولم يترك سوى عينيه ليتساوى مع الظلام فلا يلفت إليه الأنظار من أهل المنطقة وإن حدث وراه أحدهم فسوف يظنه صاحب الحظ السئ شبحا.
انتهت الرقصة الرومانسية بين العروسين ليذهبا إلى مقرهم الأساسي في الحفل وهو اعتلاء المنصة التي كانت مصممة بأناقة على هيئة تاج لتناسب الأمير وعروسه.
استغلت رؤى لتعدو بخطوات مسرعة نحو طاولة العائلة لتبادرهم القول بتلهف
ماما يا ماما شوفتي الفرح شوفتي العرسان يا خالتى دا كمان لو روحتوا معانا السيسشن كان يجنن.
التوى ثغر الأخيرة لترمقها صامتة بسخط وردت نرجس
شوفنا يا اختي وشوفنا كمان تنطيطك ولا اكنك عيلة صغيرة ومش عاملة حساب حد مش عروسة وعلى وش جواز.
رددت خلفها بعدم استيعاب مشيرة بسبابتها نحوها
أنا على وش جواز يا ماما
ايوة عروسة وعلى وش جواز يعني ترسي كدة عشان لو شافك حد من الناس اللي هنا وحط عينه عليكي ميقولش هبلة. 
قالتها أمنية بتصنع الجدية امام نظرات خطيبها والذي كان جالسا يتابع بصمت مريب ولكن الفضول دفعها لتردف بتساؤل
ثم إيه حكاية السيشن دي كمان اللي اتأخرتوا فيه هو مش منظر طبيعي وخلاص يتنيلوا يا خدوا فيه لقطتين الكاميرا!
تبسمت بشقاوة تحرك رأسها أمامها مغيظة لتقول
مش هقولك هسيبك كدة تتفاجئي وانتي بتتفرجي عليهم دلوقتي ع الشاشة واعرفي لوحدك .
ختمت بإخراج لسانها لتزيد بعدم اكتراثها
وهروح بقى اكمل رقص مع اصحابي عشان لما يشوفني عريس زي ما بتقولي ياخد ديلوا في سنانه ويجري.
قالتها وذهبت كما أتت لتعقب في اثرها أمنية بغيظ
ايه بت الهبلة دي هي بتكلمني كدة ليه
عاد ابراهيم ليحدجها بثاقبتيه مرددا بتحذير
سيبك منها يا أمنية واقفلي بوقك دا شوية ولا انتي كان عندك غاية تروحي معاهم
نفت على الفور مرددة
لا لا لا طبعا انا كفاية اني جيت معاك دي تسوى الدنيا بحالها .
صمت يطالعها رافعا حاجبه بتشكيك قبل أن يلتفت نحو والدته التي وقفت فجأة تقول على مضض
انا رايحة اسلم وابارك مش ناقصة ابوك يعملها حكاية.
وانا كمان رايحة معاكي 
قالتها نرجس ف اتجهت أمنية له سائلة
واحنا يا ابراهيم هنروح معاهم ولا نروح لوحدنا
ضيق عينيه قليلا بتفكير قبل أن يجيبها
خليهم يسبقونا واحنا نبقى نحصلهم.
على المنصة وقد كانت جالسة بجواره بذهن شارد أعينها تدور يمينا ويسارا وفي الأنحاء حولها بعدم تركيز تتلقى التهاني من المدعوين والتصوير معهم هي وعريسها ودائرة الفكر برأسها لا تتوقف.
إنتهى حسن من الترحيب بأحد المباركين من أصدقائه قبل أن يعود إليها متغزلا
طب برضوا دا كلام! حد يبقى زي القمر كدة ويسرح
الټفت إليه تطالعه باستفهام فعاد بمشاكستها
ايه اللي واخدك مني يا قمر
أهدته ابتسامة ساحرة سلبت فؤاده كالعادة لتنفي بهز رأسها مردفة بالجملة الروتينية بهمس
عادي يعني.
كان من حسن حظها أنه التهى مرة أخرى مع أحد اقربائه من الشباب والذي امتدت كفه لمصافحتها قبل يتبادل معه المزاح وعادت هي إلى شرودها وذلك الذي حدث معها منذ بداية اليوم حينما واجهها بما علمه عن مقټل والدها وتاريخ عائلتها
ايه اللي انت بتقوله دا يا حسن جيبت منين الكلام ده
هتفت بها پصدمة ناهضة عن مقعدها وقف هو الاخر ليقابلها بوقفته أمامها أسفل المظلة الشمسية يتابع بإصرار
مش مهم جيبته منين يا شهد المهم دلوقتي ازاي نتصرف انا مش عايز اعرضك لأي خطړ ولا عايزك تدخلي في أي مشاكل وصراعات مع الناس دي أمين اخويا جاب كل المعلومات عنهم وعرف ان والدك كان معاه حق لما بعد عنهم .
لاح على وجهها توترا وحرج فهمه جيدا حبيبته الأبية ترفض الظهور أمامه بمظهر الضعف كما أنها تخجل من هذه النقطة السوداء والتي تمس عائلتها لتزيد من تأكيد الفكرة برأسه.
عادت تسأله بإلحاح ورأسها تضج
بالأفكار السيئة
يا حسن انا لازم اعرف المصدر اللي وصلك الكلام ده من الأول دي اول مرة انت تكلمني فيها وكمان في يوم مهم
زي ده انا بصراحة الشكوك ملت مخي وعايزة افهم عشان اتجاوب معاك ولو عندك نية يا بن الناس للفركشة أو حتى متردد....
قطعت مجبرة بحضوره الطاغي حينما اقترب بجسده منها ليقلص المسافة بينهم واضعا انظاره ڼصب عينيها ليرد بصوت مفعم بالعاطفة نحوها
أنا مقدر عصبيتك وعارف بكل اللي بيدور في دماغك بس كمان برجوا منك تركزي كويس في كلامي انا بفاتحك عشان معايا الحل اللي ينهي أي اشكال من بدايته انا بحبك يا شهد ولا يمكن افرط فيكي حتى لو بعمري كله.
صمتت تبتلع ريقها تأسرها عينيه يجذبها الحنان المتدفق بهما يغمرها عطره الرجولي بدفء جعلها كالمغيبة تستمع بإذعان وهو يستطرد
لو ليا عندك معزة يا شهد اسمعي كلامي المرة دي وبلاش تغلبي العند ما بينا عشان بفاجئك بقراري قراري ده مأخدتهوش من فراغ دا جه بعد ما سألت واتأكدت من صحة المعلومات اللي اتقالتلي هل هتنكري ان عيلة والدك حاولوا معاكي انتي واخواتك بعد ۏفاة الوالد عشان ياخدوكم وياخدوا مكتب المقاولات بتاعه واللي أسسه بعرقه وشقاه
غامت عينيها مع تذكرها للحروب التي واجهتها من جهة نرجس السلبية وافراد عائلتها واطماعهم ومن جهة أخرى هؤلاء الأشخاص من عائلة أبيها والذين ظهروا فقط بعد رحيله وقد كانت تظنهم السند قبل أن تفاجأ بغدرهم ونيتهم السيئة بكل وقاحة للأستيلاء على ورثها وورث أخواتها وعليهن أيضا قبل أن تنتفض وتخرب كل الخطط والمؤامرات التي كانت تحاك حولها بمساعدة أبو ليلة والحج عابد....
استدركت فجأة لتباغته بسؤالها
حسن هو ابراهيم اللي بلغك بالحواديت دي
لم ينكر صحة تخمينها ليرد بعملية
رغم اني مبحبوش وبرضوا مضمنش حسن نيته لكن اللي يهمني دلوقتي الحل هتثقي فيا يا شهد وتوافقي على عرضي
اشتدت ملامحها واحتدت عينيها بوميض مشتعل هذا المعتوه لايزال ينخر كالسوس من خلفها عقله الخبيث لن يرتاح سوى بتخريب حياتها كما فعل قديما وأفسد العديد من الفرص لقد ظنت بالموافقة على خطوبته من شقيقتها رغم معارضتها الشديدة في البداية إلا أنها تأملت أن يكون قد ازاحها من تفكيره ويتخطى التعلق المړيض بها ولكنها كانت مخطئة. 
كل ده تفكير يا شهد
قالها حسن لتسفيق من شرودها وتجيبه بالرد الحاسم
انا موافقة على عرضك من قبل حتى ما اعرفه
عادت لواقعها الجديد على صوت نرجس وهي تخاطبها بود زائف
الف مبروك يا شهد الف مبروك يا حبيبتي. 
تلقت العناق والقبلات منها تغتصب ابتسامة بصعوبة ردا علبها
الله يبارك فيكي يا مرات ابويا تسلمي.
تسلمي انتي يا حبيبتي من كل شړ.
قالتها نرجس قبل ان تفسح المجال لشقيقتها وتتجه بمباركتها نحو حسن الذي كان يبادلها الود رغم عدم ارتياحه لها اما سميرة فهي كالعادة لا تخفي كرهها وذلك ما يبدوا جليا في ابتسامتها الصفراء.
انسحبا الاثنان لتأتي مجيدة بصخبها وضحكة من القلب تشرق وجهها بالفرحة تردد بمرح
العرسان عاملين ايه
قالتها لتتلقى عناق ابنها على الفور لتربت بكفيها على ظهره ضاحكة وابتسامة صافية بود حقيقي تطالع بها شهد تحمل في طياتها السلام والإطمئنان لتبدد سنوات من الغيوم والضباب
من النافذه إلى المقعد المجاور لشقيقته ثم إلى النافذة مرة أخرى ينظر إلى الشارع يترقب انتظارها ويطالع الساعة بتوتر يعصف به حتى هتفت به رحمة
ما تهدى بقى يا بني خايلتني.
التف إليها والقلق يصدر مع كل حرف يخرج بين كلماته
أهدى ازاي بس يا رحمة وانتي بتقولي العريس دا جاي بكرة انا عايز اعرف رأيها قبل ما تشوفه مش عايز ادخل في دوامة الانتظار المر لمعرفة قرارها في الجوازة عايز ارسى حل هتفتحلي باب جنتها ولا اهج واسيب البلد كلها.
دب الړعب بقلبها تأثرا بكلماته لتبلغه اعتراضها عله يعود لعقله
يا لهوي يا شادي انت واعي للي انت بتقوله
اومأ يوافقها الرأي يهزهز برأسه قائلا
أيوة يا رحمة واعي للي بقوله بس اعمل إيه ما انتي اللي عشمتي قلبي بكلامك امبارح أنا طول الوقت بكبت إحساسي جويا لكن دلوقتي وبعد ما عرفت كمان انها ممكن تروح مني معدتش
 

تم نسخ الرابط