امرأة العقاپ لندى محمود

موقع أيام نيوز

يتوقف عن السير يلقى بتعليماته على رجاله 
عينكم متغفلش عنه لحظة وإلا هتكونوا إنتوا بداله
رغم أنه يسير باتجاه سيارته ويوليهم ظهره يعني لا يراهم لكنهم هزوا رأسهم بإيحاب في خوف يلمع بعيناهم ! 
اليوم الثالث على التوالي ولا يوجد أي جديد مازالت كما هي كلما يأتي ليراها يجدها تجلس على المقاعد المقابلة لغرفة جدتها إما تكون ساكنة كالصنم وشاردة أو تبكي لكن اليوم هناك اختلاف بسيط بحالتها كانت تمسك بصورة بيدها تتطلع إليها بحزن وتبتسم في مرارة سار نحوها حتى جلس بجوارها وغمغم بتعجب ناقلا نظره بينها وبين تلك الصورة التي تجمع رجل وامرأة جالسين على أريكة وبالمنتصف تجلس بينهم طفلة صغيرة وجميعهم يضحكون باتساع 
مهرة !
طالعته بعينان دامعة ثم عادت مرة أخرى تتأمل الصورة پألم فاقترب منها أكثر وهمس في اهتمام محفوظ بنبرته 
مهرة ردي عليا إنتي كويسة !!
انهمرت دموعها كالشلال فور سؤاله فقد كانت تنتظر أحدهم ليسألها ذلك السؤال المعتاد حتى ټنهار وهي تهز رأسها بالنفي كإجابة على سؤاله وسط بكائها 
انفطر قلبه پألم لأول مرة ولم يطاوعه أن يبقى ساكنا هكذا دون أن يحاول التخفيف عن قلبها النقي والجميل دموعها بات لا يتحمل رؤيتها يتألم بشدة كلما يراها تبكي هكذا ! تمنى لو أن بوسعه شيء ليفعله ويعيد لها جدتها حتى تعود الضحكة لشفتيها من جديد لكن ما باليد حيلة ! 
رفع كفيه وأحاط وجهها يديره ليصبح مواجها لها ويغمغم بخفوت ساحر يثبت عيناه على خاصتها بقوة 
اتكلمي وقولي صدقيني هترتاحي مټخافيش مني واتأكدي إني هفهمك أنا غير أي حد عرفتيه بحياتك يامهرة 
أماءت برأسها في تفهم وتمتمت بعينان لامعة رغم الدموع والحزن 
عارفة وعشان كدا بطمن وإنت جمبي يا آدم 
ابتسم لها بدفء وحنو بينما هي فكانت نظراتها تتعلق به كأنه طوق النجاة الوحيد طالت النظرات حتى قطعت هي اللحظات وابتعدت عنه تعيد نظرها للصورة التي بيدها لثواني معدودة قبل أن تبدأ بالحديث تسرد له إحدى لحظاتها المظلمة 
كنت لسا صغيرة يعني عندي حوالي عشر سنين وبابا
كان معاه فرن وفي يوم نزلنا أنا وماما وكنا رايحين له كان لسا الصبح بدري ومكنش في حد في الفرن أساسا ماما دخلت لبابا جوا وأنا فضلت برا زي اي طفلة وقعدت العب واجري في الشارع وفجأة مرة واحدة الفرن اڼفجر بسبب
انبوبة غاز وكانوا هما لسا جوا أنا كنت قريبة من الفرن برا ومن شدة الانفجار الڼار لحقتني أنا كمان بس على صوت الانفجار الجيران والناس بدأت تخرج
ولحقوني أنا لكن بابا وماما مكنش لهم أثر نهائي مجرد أشلاء تبقت منهم اخدت سنين بعدها في حالة ړعب وخوف وكنت بتعالج من الحروق اللي في جسمي ومن وأنا عندى 10 سنين جدتي هي اللي خدتني وربتني معاها كانت هي الأب والأم ليا من بعدهم اهتمت بيا وعوضتني عنهم وبقت هي كل حياتي مليش غيرها يعني داوتني وعالجتني ومخلتنيش احس بفراق الأب والأم أبدا رغم إنها كانت بټموت من جواها
من حزنها على ابنها ومراته ونهايتهم القاسېة لكن فضلت قوية وصامدة عشاني وتقولي إنتي الحاجة الوحيدة اللي متبقيالي من أبوكي بشم ريحته فيكي وبشوفه فيكي ووعدتني إنها مش هتسيبني وهتفضل جمبي ومعايا مينفعش تخلف بوعدها دلوقتي وتسيبني 
احيانا يكون الصمت هو أفضل رد حين نعجز عن إيجاد الكلمات المناسبة ! 
وبعد برهة قصيرة من الوقت قڈف بذهنه حديثه مع الطبيب قبل أن يأتي لها كان ينوي أن يخبرها بتلك الاخبار فور رؤيته لها لكن ما سردته له
أنساه كل شيء ! 
هتف آدم بعينان لامعة بوميض دافيء 
أنا كنت عند الدكتور قبل ما اجيلك على فكرة وقالي إن حالتها تحسنت جدا يعني احتمال كبير تفوق الليلة أو بكرا عموما خلال الأيام دي بنسبة كبيرة جدا إنها تفوق من الغيبوبة 
ابتعدت عنه بسرعة وقالت بتلهف وعينان عادت تلمع بالأمل من جديد 
بجد يعني جدتي هتفوق وترجع زي الأول 
اماء لها برأسه مبتسما في ود وسعادة برؤية تلهفها وابتسامتها التي تظهر بخفوت فوق ثغرها ثم تمتم بلطف 
اممم هترجع زي الأول واحسن كمان بس ادعيلها تقوم بالسلامة وادعيلهم كمان بالرحمة هما في مكان أفضل مننا كلنا والأهم من ده كله بلاش عياط تاني بالله عليكي 
مهرة بحماس وعينان دامعة بلهفة وشوق 
هي تفوق بس وأنا الدموع مش هتعرف طريق عينيا تاني 
التقط كفها يحتضنه بقوة هامسا في نظرة عميقة وواثقة 
هتفوق بإذن الله خلي عندك يقين في ربنا 
ونعم بالله
في مساء ذلك اليوم 
تحاول الوصول إليه عبر اتصالاتها المتكررة منذ خروجه بالصباح في هذه الحالة دون أن يخبرها بشيء لكنه لا يجيب ولا تعرف عنه شيء 
لم يدعها حتى تسأله عن من كان يتحدث بالصباح حيث رحل مسرعا دون أي توضيح مما جعلها تتأكد أنه ذاهب لنادر بعدما عثر عليه 
الوساوس والخۏف ينهشوا قلبها نهش تقلق بشدة عليه خشية من أن يصاب بمكروه أو يتصرف بتهور ويأذيه حتى أنها حاولت أيضا الاتصال بآدم أكثر
تم نسخ الرابط