شوق اسماء عبد الهادي
المحتويات
يستطيع أن ينظر امامه فلا يجد قدمه
وما ان دلفت الممرضة وخلفها ابناءه
حتى قال بانزعاج لأولاده
_ انتوا ايه جابكم هنا مش عايز اشوف حد فيكم غوروا كلكم من وشي أنا مش محتاج لاي حد فيكم.. ومتقلقوش أنا مش عاجز انا لسه بصحتي بفلوسي هركب سيقان صناعية وهقوم تاني وهحاسب
الكل على اخطاءه واحد واحد.
قالها وحاول النهوض بينما لم يتكلم أحد من ابناءه وظلوا أماكنهم
_رايح فين يا غريب بيه مش هينفع تتحرك من مكانك حضرتك لسه تعبان
_ مش عايز اقعد هنا ابعدوهم عن هنا لاما هرجع فيلتي تاني
لتهتف الممرضة لشوق وإخوتها
_ من فضلكم يا جماعة تقدروا تتفضلوا في غرفة الانتظار علشان حالة غريب بيه
لتغادر شوق مع اخوتها في هدوء وتفهم تام
هدر غريب بالممرضة
_ حاضر يا غريب بيه انا اسفة لحضرتك
_ناوليني الموبايل بتاعي علشان اعمل اتصالاتي لازم اتابع شغلي واعمالي أنا واحد مهم مش حثالة زيهم
اعطته هاتفه ليتصل بمدير أعماله
_ محسن طمني اخبار الدنيا عندك ايه ف غيابي
قال بارتباك
_ انا اسف يا غريب بيه انا مش عارف اقولك ايه
_ للأسف كلام حضرتك صحيح وكان اول حد طعنك في ظهرك هو زوجة حضرتك فهيمة هانم
اتسعت أعين غريب ليقول بوجل
_ فهيمة عملت ايه انطق !!
_ للأسف يا غريب بيه.. المدام بحكم التوكيل اللي معاها حولت كل حاجة لحسابها وكتبت كل حاجة باسمها
_ انت بتقول ايه يا محسن .. ازاي تتجرأ وتعمل حاجة زي دي هي جرى لعقلها حاجة هتسرقني وانا لسه عايش كدا عيني عينك
_ويؤسفني اني اقولك يا غريب بيه انها رفعت ع حضرتك قضية خلع في المحكمة.
لم يتحمل قلب غريب تلك الصدمات التي يتلقاها دون هوادة فسقط الهاتف من يده وسقطت راسه على الفراش كچثة هامدة لا حراك فيها
بعد عدة اسابيع كانت فيهم شوق ترتاد المشفى يوميا لتطمئن على صحة ابيها التي تدهورت بسبب حالته النفسية السيئة
طلبت من اخوتها أن يعودوا لشقتهم لينالوا قسطا من الراحة وستتولى هي مهمة مرافقة والدها
_ روح يا عساف انت واخواتك ارتاحوا يا حبايبي وأني اهنه هقعد جار ابوكم متقلقوش .. أني حضرت ليكم الوكل وأيات هناك هتغرفلكم وتشوف محتاجين ايه
_ شوق
_ نعم يا ضي عيني
_ انتي غريبة اوي
ضحكت شوق بلوعة
_ ما غريب الا الشيطان يا واد يامهاند في ايه قلقتني
_ ازاي شايف خۏفك واهتمامك ببابا كدا وفي نفس الوقت ولا مرة سمعتك يتقولي بابا زينا علطول تقولي غريب بيه او ابوكم
_ طب اقول ايه يا مهاند قولي.. هو ابوي فعلا علشان اكده قلبي متهافت عليه.. لكنه مش راضي بيا فبقول غريب بيه هعمل ايه.. كنك معارفشي ان نفسي ومنى عيني إني أناديه بوي ويتقبلها مني واشوف في عنيه نظرة الرضا.. بس هو ديه الواقع اللي اني عايشة فيه وراضية بيه هعمل ايه
اقترب مهند من اخته محيطها بذراعيها
_ ياريته فعلا يعرف حقيقة مشاعرك دي.. ياريته يشيل الغشاوة اللي ع قلبه ويشوفك بعين قلبه متأكد انه هيندم على كل لحظة قضاها بعيد عنك
_ ربك كبير ومنيش هيأس من رحمة ربنا أبدا.. يلا يا حبيبي روح الحق ريح شوية مع اخواتك علشان شغلكم بكرة.. وانت يا أمير الأمرا خد بالك من ايات يا ولا
ليقول عساف
_ لا انتي اللي هتباتي مع أيات أنا هجيلك بالليل اكون مكانك هنا
_ ماشي يا خوي اللي تشوفه.. في أمان الله.
رحل اخوتها لتبقى هي وحدها مع أبيها تراقبه من تلك النافذة الزجاجية
نظرت حولها في ترقب فلم تجد أحد فتسللت للداخل في خفية
وقفت جوار فراشه تنظر له بتمعن وقالت وهي تمسك يده المحقون بها تلك الإبر المتصلة بالمحلول
_ طول عمري يا بوي نفسي بس في لمسة حنينة من ايدك.. جايز طول السنين دي كلها مسمحتليش اني اكون بالقرب ديه منيك .. فمعلهش بقا هستغل الفرصة واكون قريبة منيك كيف ما بدي.. اعملك ايه ما انت اللي حارمني من قربك
أمسكت كفة يده وقربتها من وجهها
_ ياااه وربنا ما هكون ببالغ لما اقول اني فرحانة بقربك ديه حتى لو كنت غافل ومش حاسس بيا .. ربنا يتم شفاءك على خير.. الدنيا داي مفيهاش عزيز.. سبحان الله كنت من كم يوم بتشخط وتنتر ودلوك مرمي أكده متوصل بالأجهزة والمحاليل.. ربنا ما يحرمني من صوتك أبدا حتى لو هتفضل تشخط وتزعق تاني .. لكن رقدتك داي صعبة عليا أوي... قوم يا غريب واتحمل انت أكبر واقوى من اكده .. قوم كنوز الدنيا كلها متساويش دمعة واحدة من عنيك...
يتبع ...
أسماء عبد الهادي
بحبكم ف الله
شوق
البارت قبل الأخير
بارت ٥٥
أسماء_عبد_الهادي
___
جاءت إليها تركض باكية تلك الصغيرة ذات العينين الرماديتين الجميلتين
_ماما شوق يزن ابن عمو مهند مش راضي يسبني في حالي
وضعت شوق يدها وداعبت وجنتها الصغيرة بحب
_بيعملك ايه يا حلوتي
_ بيرخك عليا يا ماما
التفتت شوق لذاك الصغير الذي أتى خلف لوجي وقالت معاتبة
_واد يا يزن سيب الحلويات بتاعتي في حالها
_مجتش جنبها يا ماما شوق انا كنت بقولها انتي حلوة اوي كدا لمين
_لأمها اكيد يا ولا دي آيات دي قمر ١٤
مط شفتيه وحرك كتفيه وقال بتعجب
_طب ما انا قلت كدا.. غلطت في ايه بقا
اتسعت أعين وشوق وقالت بزهول
_يا نهارك مش فايت انت هتطلع عينك زايغة لابوك يا ولا
يالهوي هو اني هعيده من اولها وهربي تاني.. يا مرارك يا شوق
ليأتي مهند ويقترب من ابنه ضامه اليه وكأنه يدعمه وقال بمرحه المعتاد
_ في ايه مالك ومال الولد يا شوق ها
مطت شوق شفتيها وقالت
_ عينه زايغة زي أبوه بالظبط
ضحك مهند ضحكة مطولة
_ طب ما دي حاجة كويسة ايه المشكلة بقا الولد بيعبر عن الجماال اللي شايفة ليه يكتمه في قلبه
_ يا سلام يا خويا انت شايف اكده
_ طبعا.. بس قوليلي علم على مين المرة دي
أشارت شوق للصغيرة لوجي
_على الغلبانة داي وجاية تشتكيلي منيه
اقترب مهند من لوجي وحملها مقبلها اياها بقبل كثيرة في أنحاء وجهها
_طب بالله عليكي حد يشوف الطعامة والجمال دا من غير ما يأكله أكله..
قالها ثم نظر مرة أخرى للوجي
_حبيبة عمو مهند يا ناااس..مين حبي انا
لوجي ضحكت ببراءة وقالت بفرحة _ لوجي
قبلها مهند مرة أخرى وقال.
_ وحبي أنا زعلان من يزن ليه..مش دا يزن ابن عمك حبيبك
_ اه
_ يبقوا تلعبوا مع بعض ومحدش يزعل من بعض أبدا ومهما كان ماشي!
هزت رأسها بالموافقة
_ماشي بس خليه مش يقولي انتي حلوة تاني
ليهتف مهند بإدعاء الجدية
_ ولد يا يزن متقولهاش انتي حلوة تاني
ليهتف يزن بحنق
_طب اقولها ايه انتي وحشة اكدب يعني!!
حاول مهند كبت ضحكاته وقال راسما ذاك الوجه الجاد
_هي كلمة يا يزن مفهوم.. مش عايزة تزعل الحلويات بتاعتنا تاني
يزن بهدوء
_ماشي يا بابا
أمسكت شوق بيده وقربته منها معانقة إياه
_يزن حبيب ماما شوق.. العاقل يا ناس وربنا بحبك يا ولا .. هات بوسة كبيرة لماما شوق
قبلها يزن وقال
_وانا بحبك اوي يا ماما شوق قد الدنيا دي كلها
_ياااه كل ديه حب .. دا ايه الهنا اللي اني فيه ديه.
لينظر مهند للوجي ويغمز لها .. ومن ثم ينزلها إلى الأرض ثانية فيتوجهان نحو شوق ويقبل كل منهما شوق كل من
جهة
__
وقفت في شرفة غرفتها تنظر لساعة هاتفها تارة وللطريق من أسفل تارة أخرى
_اتأخرت إكده ليه يا يوسف.. لازم تخلي قلبي يأكلني عليك لاه وكمان محمولك غير متاح .. اعمل فيه ايه الواد ديه يا ربي.
جلست مكانها على الكرسي تنظر في هاتفها في محاولة منها لالهاء نفسها بأي شىء إلى أن يعود
فوقع بصرها على لفحة أبيها الرمادي شال المعلق في شماعتها
وتذكرت.
عندما كانت معه بالمشفى تستغل الفرصة لتكون بقربه
ولكن عندما وجدته يحرك جفنه واصبعه قالت بفرحة
_الحمد لله أخيرا هيفوق.. ايوة اكده يا بوى .. قاوم وعافر وارجعلنا من تاني
وبعدها أدركت أنه لا يطيقها
_لاه أني هخرج وهنادي الدكتور يطمن عليه.. بلاش يشوفني فيتكدر وهو مش ناقص.
وبالفعل خرجت شوق سريعا ونادت للطبيب الذي اتى لفصحه
وقال
_الحمد لله دا مؤشر كويس انه رجع للحياة اخيرا وبدأ يفوق من الغيبوبة بس لازم يتخطى الموقف اللي سببله الأزمة النفسية والا ممكن يرجع يتعب تاني
_ان شاء الله هيتخطاها يا دكتور ربنا كبير.
انتظرت شوق بالخارج إلى أن جاء عساف
_شوق انزلي مهند تحت منتظرك بالعربية وهيرجعلي تاني هنا يلا
طالعته شوق بفرحة
_حقيقي فرحانة وبحمد ربنا ليل ونهار انه رزقني بإخوات رجالة يعتمد عليهم... اخواتي اللي ربنا اكرمني بيهم بعد السنين دي كلها.. وربنا انتوا أغلى نعمة في حياتي.. وتعرف ايه اللي مفرحني بيكم أكتر... هي وقفتكم جنب ابوكم في محنته مقلتوش لاه ديه كرشنا من دارنا.. ديه حرمنا من فلوسه...ديه سوى وسوى.. لاه مترددتوش لحظة في انكم تقفوا جنبيه.. وربنا فرحتي ماهي ساعياني على قد حزني على اللي حصل لأبوي.. ربنا يحفظكم ويباركلي فيكم يا حبايب قلبي.
تنهد عساف براحة وقال باسما
_لولا وجودك في حياتنا بفضل ربنا ما كنا على الحال اللي احنا فيها دلوقتي.. انتي انتشلتينا من الضياع يا شوق.. كنا عاملين زي اللي ماشي ف الصحرا تايه من غير دليل.. وانتي كنتي دليلنا.
_سبحان الله ربنا بيرسلنا لبعضنا البعض رحمات .. علشان نتراحم فيما بينا.. نهون على بعضنا ونواسي بعضنا لبعض نكون سند وعون لبعض.. لو عرف كل انسان على الارض حقيقة وجودنا في الدنيا لعشنا كلنا في سلام.. رحماك ياربي.
_سبحان الله فعلا... ربنا يجعلنا السند ليكي دايما يا حبيبتي
_ اللهم آمين يارب...اعقد خمسة اكده يا عساف عايزة أسألك عن موضوع
جلس عساف مع شوق في مقعد في الرواق أمام غرفة والدهم
لتهتف شوق
_كلمت والدتك يا عساف
_اه كلمتها
_وايه كان ردها وافقت ترجع لابوك فلوسه!!
ضم عساف شفتيه بأسف
_للأسف قالت ان الفلوس دي بتاعتها هي.. من شغلها وتجارتها هي.. وانها هي اللي تعبت فيها مش بابا وانها السبب في كل الثراء اللي كان فيه
_لا حول ولا قوة إلا بالله... طب ليه قلبت عليه أكده اول ما تعب .. ما هي مرته وفلوسهم واحد وطول عمرهم شغالين مع بعض
_دا مش حقيقي عمرهم ما كانوا واحد.. كان كل واحد منهم ف طريق مختلف عن التاني بابا ليه شركته وماما ليها شركتها... كان الرابط اللي بينهم مصالح مشتركة يعني لو حد احتاج سيولة بيلاقي التاني بيسد... لكن دلوقتي ماما شافت ان بابا خلاص مبقاش ليه لازمة على حد قولها.. فأخدت فلوسها
متابعة القراءة