شوق اسماء عبد الهادي
المحتويات
كان عندي اصرار وعزيمة
اعتدل يوسف في جلسته وقال بلهفة
_وباباكي حبك لما مستواكي اتحسن!!
ارتبكت شوق
_ها.. اه اه طبعا طبعا كان مبسوط وفخور بيا طبعا
ابتأست شوق فكيف تقول له غير ذلك
لتجد يوسف ينظر أمامه بشرود
فقالت هي بنبرة حماسية
_ها هتحاول ان يكون عندك الاصرار علشان تتحسن انت كمان
_اكيد طبعا
_توعديني!!
صمتت شوق قليلا وقالت بقلة حيلة فهي لا تعلم بعد ما الذي ستفعله مع أبيه لذا قالت بتردد
_اوعدك .... ها هنفطر بقا انا جعت اوي انت مجعتش ولا ايه
_انا ھموت من الجوع
ارتدى غطاء سترته ليداري بها وجهه حتى لا يتعرف عليه أخيها فيتسبب في مشكلة معه كما أنه لا يريدها لأن تراه في حالتها تلك فټنهار لأنه رآها في أضعف حالاتها بالاضافة إلى أنه يعرف أنها لا تطيق حتى أن تراه من الأساس.
حظه
_ اوف على الحظ .. خااد ايه اللي جابه معاها دلوقتي مش هقدر أقرب منها أكتر من كدا
شاهد ميار تسير بروية بجوار فداء بينما خالد يجلس على الطاولة ويراقبهم بأعينه ....
وعندما التفتت قليلا ..استطاع أن يراها هو أمام عينه بوضوح فتراقص قلبه وعلت دقاته غمرت السعادة قلبه وعقله وسرى الدفء بين شرايينه
ولكن لحظات السعادة لم تدم طويلا فلقد تحرك خالد من مكانه وسار في اتجاهه خاف مهند من أن يراه خالد فانطلق فارا لخارج المشفى وكأنه لص يحاول الفرار من رجال الشرطة
وصل إلى سيارته وكشف عن غطاء راسه وهو يزفر بحنق وضړب زجاج سيارة
أنهت تناول الطعام معه ومن ثم اقترحت عليه لأن يذاكرا معا في حديقة المنزل فوافق ونزلا معا لتحاول شوق أن تتبع معه كل ما تعلمته وكل ما كان يفعله المعلم حسام لأجلها رفعت رأسها للسماء تحاول استجماع صورته في مخيلتها وطباعتها على السحب أمامها وهي تقول
كادت شوق أن تخفض بصرها لتنظر ليوسف ثانية لتلمح قاسم الذي يرمقها بنظرات محتقنة وما ان تلاقت أعينهم حتى تجهم وجه قاسم ودلف لداخل غرفته مغلقا لباب شرفته.
لم تهتم به شوق وما ان لمحت كرة صغيرة بالجوار حتى أمسكتها وقررت أن تلهو قليلا مع يوسف وأثناء لعبهم انضمت لهم السيدة جلنار فأشارت لها شوق بعنيها تجاه الكره وهي تقول
وزع يوسف نظراته بين جدته وشوق وبعدها انخرط في الضحك فهو يعرف جدته وطبعها الجاد
فضحكت شوق هي الأخرى وانخفضت بجسدها قليلا تجاة شوق
_يوسف هو انا عكيت ولا إيه
ضحك يوسف أكثر وقال
_اه
لتنظر شوق ثانية لجلنار التي تحاول كبت ضحكاتها هي الأخرى فقالت شوق
_واد يا يوسف ما هي ضحكت اهي يعني فيه امل اصبر بس كدا انت عايز جدتك تلعب معاك
حرك يوسف رأسه ببسمة متحمسة
لتقول شوق وهي ترفع يدها ببراءة
_اهو يوسف اللي طلب يا هانم مش أني.
ومن ثم تقدمت منها وتحدثت بجدية وبصوت خفيض
_فيها ايه يعني لو لعبتي مع حفيدك حبيبك وانتي في بيتك ومحدش شايفكم فخليكي على طبيعتك ومفيش مانع لو رجعتي طفلة تاني علشان خاطره
بدلت جلنار نظراتها ما بين المرة ويوسف حفيدها ومن ثم رفعتهم تجاه شوق فهزت لها شوق رأسها
فابتسمت جلنار وقالت وهي تقترب من يوسف
_علشان خاطر يوسف هعمل كل اللي هو عايزة بس يوسف اختار لعبة سهلة انت عارف جدتك عجوزة ها
ابتسم لها يوسف وقال بمرح بين طيات الۏجع
_اطمني يا تيتا واحد زيي مش هيأخد الكورة ويجري ولا هيشوطها بعيد كمان
لتضع شوق يدها على كتفه وهيتقول بيقين
_ان شاء الله في يوم من الايام انت بس قول يارب.
عندها رفع يوسف يده عاليا وطالع السماء وقال بقوة
_ياااارب.
في آخر اليوم وعندما اطمأنت لنوم يوسف
اوت إلى فراشها وقررت أن تهاتف توبا فهي لم تاحدثها منذ مدة
وبعد عدة محاولات استجابت توبا وردت على الهاتف
كانت تجلس وحيدة في غرفتها بينما أبيها في عمله وأمها ترافق أخيها في المشفى وطلبت منها أن تذهب لإعداد الطعام لوالدها ولتنظيف المنزل
لتقول شوق
_السلام عليكم يا بطيختي يا حبيبتي
تلقائيا ابتسمت توبا وتنهدت بأسى لتخرج ما يعتلي صدرها من ۏجع
_وعليكم السلام ازيك يا ابلة شوق وحشاني اوي
_انتي أكتر يا غالية معلش غبت عنك فترة اكده حقك على راسي
_ولا يمهمك المهم انك بخير يا أبلة
_صوتك كأنه مهموم يا توبا خير يا قلبي ولا لساتك زعلانة مني
_هو حد يقدر يزعل منك يا أبلة شوق.
_يا روحي ربنا يخليكم ليا .. طب ايه مالك أخوكي بردو منغص عليكي عيشتك لسه
_هو أخويا بس مش للسبب ده
_في ايه كفا الله الشړ يا بنتي طمنيني قلقتي قلبي
_بركات أخويا يا ابلة شوق عمل حاډثة واديه اتكسرت وتقريبا كدا هيحتاج مسامير وشرايح لان الدكتور بيقول ان الكوع اتبهدل خالص
انزعجت ملامح شوق وقالت بأسى
_لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يعافيه ويعفوا عنه معلش يا توبا يا بنتي المؤمن مبتلي متزعليش نفسك يا حبيبتي وان شاء الله يقوم منها بالسلامة خليكي جنبه يا توبا ومتفوتيهوش ومهما عمل فيكي هو أخوكي من لحمك ودمك ان مكانش يلاقي أهله معاه في وقت شدته يلاقي مين حاولي تخففي عنه وتهوني عليه يا بنتي وربنا يصبره.
ردت توبا
_والله ده اللي كنت هعمله فعلا يا أبلة شوق بالرغم من ضيقي ليه الا اني من ساعة اللي حصل وانا اعصابي سايبة وصعبان عليا وزعلانه عليه اوي
_ايوة طبعا الضفر ميطلعش من اللحم ديه اخوكي ومهما غلط لازمن تسامحيه ربنا يهديه ويشفيه اعذريني يا بنتي ان كنت اتأخرت عنك فده ڠصب عني
_يا حبيبتي يا أبلة شوق عارفة ومتأكدة من ده ربنا معاكي انتي بس وحشاني اوي مش أكتر
_يا حبابة انتي وربنا... هشوف ظروفي وهجيلك في اقرب وقت يا غالية الف سلامة على اخوكي ربنا يحفظكم بحفظه.
انهت شوق الاتصال وشعرت بعدها بالعطش فقررت مغادرة غرفتها وملىء دورق المياة التي كانت تضعه على الكومود
وفي أثناء خروجها التقت بقاسم الذي دائما ما ينظر لها بوجه متجهم حاد تخطاها قاسم وكأنه لم يرها لكي يدلف لغرفته فاستوقفته شوق بكلماتها
_تعرف انك أب غريب أوي يا قاسم بيه
توقف قاسم محله دون أن يلتفت بوجهه لها
لتكمل شوق
_ انت هنا من الصبح وبتعدي علطول ع اوضة ابنك ومهانش عليك حتى تشقر على الواد وتبتسم بس في وشه غلبت استنى قلت يمكن مشغول ايده مش فاضية لكن اليوم خلص وانت خيبت ظني تماما اي أب سوي في العالم لما بيكون مسافر اول حاجة بيعملها بيكون ملهوف على أولاده يشوفهم ويسلم عليهم ويغرقهم هدايا انما انت ولا حياة لمن تنادي للدرجة دي ابنك ميسواش عندك حاجة... للدرجة دي قلبك حجر!!
اكفهر وجه قاسم بانزعاج من كلامتها وبالرغم من أنها مصېبة في كلامها إلا أنه لم يتحمل أن تحدثه بتلك الطريقة
ليلتف نحوها پغضب جم
_الزمي حدودك يا أستاذة ومتنسيش نفسك ان كنت سمحت ليكي انك تفضلي هنا علشان تعلمي يوسف فده ميدكيش الحق انك تتدخلي في اللي ملكيش فيه انتي فاهمة
لم تتحرك شعرة واحدة في شوق وقالت وهي على وضعها
_ايه كن كلامي غلط يا قاسم بيه ولا وجعك اوي!! ولا أظنك مبتحسش من أصله ...أصل لو بتحس مكنتش هتكون قاسې اكده على ابنك.. ابنك اللي في أمس الحاجة لدعم أبوه ليه انت ابوه ولا مش أبوه ها قولي!!
اشار لها قاسم محذرا بإصبعه
_اسمعي اول وأخر مرة هحذرك متدخليش في اللي ملكيش فيه.
أجابت شوق حانقة
_بطل انعرة على الفاضي ورد على سؤالي انت ابوه ولا لاه.. ان كنت معترف انك ابوه بجد فاعمل باللي أمرك بيه ربنا واتقي الله في ابنك الغلبان هتيجي عليه
ليه ذنبه ايه هو في اختياراتك الغلط قولي.
حاول قاسم كظم غيظه واحكم غلقه على أسنانه بقوة وتركها ورحل متوجها لغرفته
لتغمض شوق أعينها پغضب
وهي تمتم بأسى
_ حسرة عليك يا ولدي ابوك طلع نسخة أمر من أبوي ..شالوا قلوبهم وحطوا بداله صفيحة حديد ومصدية كماني.
في صباح اليوم التالي
اتجه عساف للمشفى الحكومي كي يطمأن على ذاك الرجل الطيب الذي أرسله إليه خالد سابقا والذي رفض ان ينقل إلى مستشفى آخر كما طلب خالد وفضل البقاء هنا حتى لا يكون عبئا على أحد.... وبالرغم من أن خالد لم يطلب من عساف المجىء اليه إلا أنه أحب أن يذهب ويطمأن عليه بنفسه كمان أنه ود لو رآها هناك فالرغم من أنه لم يفكر فيها مطلقا إلا أنه فجأة تذكرها وشعر برغبة ملحة في رؤيتها
صعد الدرج وتوقف عند ذلك المكان الذي رآها فيه أول مرة بينما كان يزجرها أخيها لتقول بذلك التحليل لكنه وجد المكان به أناس آخرون فتنهد بقلة حيلة وتابع صعوده وهو يسأل نفسه
_انت بتعمل ايه يا عساف بتدور عليها ليه !
لكنه سرعان ما اجاب على نفسه
_مجرد اشفاق عليها بس مش أكتر انت ناسي انك كنت في يوم من الايام زيها وفي نفس الحجم تقريبا وياما عانيت كتير من تنمر الكل حواليك حتى من مامتك اللي كانت بتمنعك انك تخرج من اوضتك علشان مش هينفع أصحابها يشوفوك بالحجم دا انت ناسي انك كنت تعبان وقتها قد ايه ومش لاقي حد جنبك يساندك ويأخد بإيدك انت ناسي كم ليلة كنت بيغمى عليك من كتر التعب والبكا ليل ونهار انت ناسي محاولاتك الكتير في انك ټأذي نفسك وتخرج بطنك على اساس انها زي الكورة ويمكن لو عملت كدا هتخس وان حياتك كانت قاب قوسين او ادنى من المۏت لولا ربنا ستر!!
حرك رأسه يمنة ويسرة عله ينفض تلك الذكرى اللعېنة عن رأسه ومن ثم تابع سيره ليتفاجىء بها أمامه تهبط درجات السلم ببطء ويعتلي وجهها هم شديد
فاستوقفها قائلا بينما هي لم تنتبه له
_ااا.. هاي ازيك
رفعت بصرها لتنظر لمن يحدثها
فما ان رأته حتى ارتبكت مكانها وتغيرت أصوات نبضات قلبها لتصبح أكثر قوة وسرعة وكأنها ستقفز من مكانها
_ااه ازي حضرتك
ابتسم قائلا
_انتي فاكراني!!
هتفت باسمة
_طبعا وانا أقدر أنسى اللي حضرتك عملته علشاني
بادلها الابتسامه
_على فكرة انا معملتش حاجة يعني
_لا بس ده من تواضع حضرتك.. ربنا يكرمك
_انتي جاية تعملي ايه هنا تاني اوعي تقولي انك تعبانة
تراقص قلبها طربا لكلماته فهو على ما يبدو قلقا بشأنها فقالت
_لا
متابعة القراءة