شوق اسماء عبد الهادي
المحتويات
نايمة فاهدي واطمني يا حبيبتي.
لتشدد ميار من احتضانها للدادة
فتعتدل الدادة في نومها وهي تأخذ ميار في احضانها كطفلة صغيرة بين يدي أمها تخشى أن تفلتها.. ولا تستطيع النوم دونها... بعدها غفت ميار على الفور.. فما عاشته اليوم من خوف كان كفيلا بأن تخر نائمة من شدة الإرهاق والتعب.
بعد عدة ساعات عاد أمير من الخارج ليجد شوق تجلس على إحدى الأرائك تقرأ القرآن... هي في الواقع كانت تنتظره فهي لم تستطع الخلود إلى النوم دون أن تطمأن عليه هو بالذات.. فهي تعتقد أنه مسالم بعكس اخوته تماما.
اقترب منها أمير وارتمى عل إحدى الأرائك جوارها بارهاق
_مساء الخير يا شوق.. عاملة ايه
أنهت شوق الأية التي تقرأها وأغلقت المصحف واحتضنته بذراعيها ثم نهضت من مكانها دون أن تعيره أي اهتمام يذكر
ليضيق هو عينيه ويقول
_شوق بقولك عاملة ايه مبترديش ليه.. وماشية ولا كأنك شايفاني.. في ايه
_يا خبر ليه كدا بس... أنا زعلتك في أيه
_قول مزعلتنيش في إيه
قالتها وتابعت سيرها مبتعدة عنه لينادي عليها
_طب استنى بس تعالي اقعدي ونتفاهم.
_نتفاهم عل. ايه يا واد انت ها.. اني مش اتصلت بيك من كم ساعة وقلتلك تعاود حالا.. حصل ولما محصلشي
_حصل.
أمسكت هي بما في قدمها وضړبته به وهي تقول
حاول امساك الشبشب واخذه منها
_ شوق انتي بعملي ايه.. استنى بس ېخرب عقلك يا مچنونة انتي نسيتي نفسك ولا إيه
استطاع أخذ الشبشب منها وهو يقول بضيق
_بس بقا يا شوق من فضلك.
لتجلس هي مكانها بغيظ
_ايوة ما انت مش عارف اللي چرالي على يد التور اخوك
_أنهي فيهم
_مهاند هو فيه غيره
_نهار اسوح عمل فيكي ايه
_يا ختاااي قول معملش ايه تصور المفتري اټهجم عليا ومسكني من جلابيتي وكان عايز يضربني لولا ستر ربنا كنت روحت في خبر كان
انخرط أمير في الضحك لتغتاظ منه شوق وتمسك بشبشبها مرة أخرى وتضربه
_بتضحك عليا يا واد انت طب اتلقى وعدك مني.
حاول أمير الاختباء منها وهو يقول
ألقت الشبشب من يدها وجلست مكانها ثانية وقالت بضيق
_معاك حق أني فعلا كنت زي الفرخة العيانة اللي بتطلع في الروح وهو ماسكني
ليضحك أمير أكثر وهو يقول
_لا يا خسارة فاتتني أكيد كان شكلك مسخرة
أمسكت الشبشب وألقته به
_ عارف لو ضحكت تاني يا ولا هعمل فيك ايه
_ولا حاچة التور التاني الكابير كان قاعد يضحك ومستمتع ولا همه... وسايبني افلفس لوحدي
حاول أمير كبت ضحكانه لكنه لم يستطع وانفطر في نوبة ضحك كبيرة لتضحك شوق معه هي الأخرى وتقول
_اضحك يا خويا اضحك حد واخد منها حاجة.. بقا اني الابلة شوق على اخر الزمن اتمرمط اكده
قال بينما ما زال يضحك
_معلش بقا يا شوق حظك كدا.. ما انتي اللي متمسكة بالمكان هنا
_أعمل ايه يا واد يا أمير الأمرا حكم القوي.. المهم يا واد بقولك ....الاول اتعشيت ولا نحضرلك العشا
_لا لا عشا ايه انا هنام خفيف
_يبقى أكلت برا يا حلو
_لا ده شوية سناكس بس .. ها عايزة تقولي ايه
_عايزة اسألك شوية اسألة اكده عنك وعن اخواتك
_ ليه
_ هعملكم بحث اجتماعي .. هو ايه اللي ليه عايزة اعرف عنكم أكتر وأكتر
_ ايوة بردو ليه .. ليه مهتمة تعرفي عننا كل حاجة.. واحدة غيرك كانت اهتمت بشغلها وبس واللي يهمها انها تقبض أخر الشهر .. مش مهم بقا بنعمل ايه أكلنا مأكلناش .. خرجنا اتأخرنا جينا بدري مش شغلها.
زفرت شوق بحنق
_وانت شايفني زي أي مديرة جات اهنه
_الحقيقة لا
_يبقى تحط بلغة في بوءك وترد على اسألتي من سكات
_طب انتي حطيتي البتاع اللي بتقولي عليها دي هرد ازاي
_البلغة
_اه دي
_بطل ملاوعة يا ولا ورد عليا
_طب اسألي وانا لو عارف هجاوبك
في صباح اليوم التالي
استيقظت من نومها وتوضأت وصلت فرضها وظلت مكانها تسبح ربها وترتل أذكارها إلى أن أشرقت الشمس ... قامت وصلت ركعتي الشروق ومن ثم توجهت للمطبخ وصنعت لنفسها ساندويتشا بسيطا لتقتات به قبل أن تذهب لعملها ... ثم حاولت ترتيب كل شىء في مكانه وبعدها ارتدت ملابسها واستعدت للذهاب للعمل... خرجت من الشقة واحكمت غلقها وما إن وصلت إلى الشارع الرئيسي الذي منه ستبحث عن وسيلة نقل تقلها لعملها اذ وجدت سيارة تقترب منها وبعدها أطل بوجهه وقال بنبرة سمحة
_صباح الخير
حركت رأسها بملل وطالعته بضيق وهي تقول بانزعاج
_يا فتاح يا عليم يا زراق يا كريم يارب... هو انت!!
رمقها بانزعاج شديد وقال پغضب
_ايه شوفتي عفريت مالك بتبصيلي بقرف ليه كدا
_العن
_نعم
أخفضت رأسها لتكون موازية له وقالت بعند
_ألعن يا خالد بيه...وياريت تسيبني في حالي بقا علشان أنا مش فاضية
هتف بتسلية
_اسيبك ايه انتي بقيتي لعبتي
_افندم
_اللي سمعتيه
_مم فعلا الظاهر انك واحد فاضي.. طيب يا بابا روح العب بعيد ها.
قالت ذلك وسارت في طريقها مبتعدة عنه
ليترك سيارته ويلحق بها سيرا ومن ثم أمسك بذراعها وهو يقول
_تعالى هنا انتي فاكرة اني نسيت اللي عملتيه امبارح
أزاحت يدها من يده بعصبية شديدة لتجرؤه عليها بهذا الشكل
_حاسب ايدك انت اټجننت ولا نسيت نفسك ولا انطسيت في عقلك ازاي تمسك ايدي كدا
_متكبريش الموضوع واقفي هنا خلينا نتكلم
_مكبرش ايه هو انت مفكر اني أسيبك تمسك ايدي عادي كدا.. انت متخلف
رفع يده ولطمھا على وجهها بحدة وهو يقول
_بس بقا انا سايبك تغلطي و
ساكتلك من بدري وانتي متخلفة مش عايزة تلزمي حدك معايا
حملقت بوجهها ورمشت عدة مرات بأعينها غير مصدقة فعلته... ليتجهم وجهها ويشتغل ڠضبا فمن هي لتوافق على أن يجرؤ أحدهم لفعل ما فعله... فمدت يدها لتضربه مثلما فعل وهي تقول
_لا انت زودتها...
لكنه أمسك بيدها قبل ان تطاله وقال وهو يرمقها بأعين قاتمة
_اياكي بس تفكري تعمليها ساعتها متلوميش الا نفسك.. عامة انتي خلص وقتك معايا... انا جيت علشان أقولك يا حلوة اجهزي علشان كتب كتابنا بالليل
أعادت يدها جوارها لتفلت من قبضته بحدة وهي تقول_يبقى انت بتحلم..ابقا اتغطى كويس... واه القلم ده صدقني هرده ليك عشرة مش واحد بس.
ليهتف خالد بقولا جعلها تتسمر مكانها بعد أن ابتعدت عنه
_مفيش أي مجال للقبول او الرفض قلتلك ابوكي باعك ليا قصاد الدين اللي عليه... يعني انتي من دلوقتي بتاعتي وملك ايدي... بس أنا رأفة بيكي هكتب عليكي... عرفتي انا رحيم عليكي ازاي
_ لا فيك الخير ... وعل. فكرة بقا كل اللي بتقوله ده مش حقيقي... مش بابا اللي يعمل كدا في بنته
ضحك خالد ساخرا
_مين ابوكي.. ده ابوكي ابو ده انتي مش عارفاه قماراتي يبيع نفسه علشان الفلوس.
تجمدت الډماء في قلبها وشعرت بالبرودة تسري في جسدها فهي عقلت ذلك بالفعل فأحوال أبيها في الفترة الأخيرة تجعله قد يفعلها بها فعلا لكنها كانت لا تصدق هذا وتحاول تكذينه.
وجدت خالد يمسك بالهاتف ويقول
_اتصلي بيه اسأليه بنفسك واتأكدي
مد يده وأمسك يدها المتجبسة ووضع هاتفه بها وهو يقول..
_اضغطي زر الاتصال يلا...أنا منتظرك.
أمسكت بهاتفه وألقته أرضا بحدة لكن لحسن حظها أنه لم يتهشم والا لكان خالد تحول عليها وتهور أيضا وقالت
_ اتصالي ملوش لازمة ولو كان فعلا اتفق معاك على كدا... فبل الاتفاق ده واشرب مېته أنا مش موافقة ولا يمكن أوافق بواحد حقېر زيك.
قالتها وتركته ورحلت وبركان ثائر يوشك أن ينفجر بداخلها بسبب ما فعله أبيها بها فهي أدركت انه بالفعل فعلها وباعها من أجل قضاء دينه... فرت دمعة هاربة من مقلتيها تحسرا على ما فعله أبيها...بينما كانت تصعد سيارة الأجرة
لتمسحهما سريعا وهي تقول
_لا مش هسمحلهم يبيعوا ويشتروا فيا لا يمكن اللي بيقول عليه دا يحصل أنا أنا مش سلعة رخيصة... هيشتريها خالد بالفلوس ابدا... دا انسان حقېر ومستغل ومعندوش ډم.
لكنها وبعدما استوت على متن السيارة لم تستطع منع عبراتها من الهطول أسفا على ما فعله والدها.
أما خالد فظل مكانه برهة وهو يقول
_هتشوفي مني أيام يا متخلفة انتي.. أنا عمر ما بنت اتجرأت عليا بالشكل ده
__
عندما دقت عقارب الساعة التاسعة صباحا.. وطالعت هي الساعة أمامها حتى قالت
_الساعة بقت ٩ كفاية عليهم نوم لحد اكده... وربنا لأصحيكي من النجمة يا صين استعنا على الشقا بالله .. بسم الله يارب أعني على المعركة اللي هتحصل ديني.
تسحبت ببطأ وصعدت لأعلى حيث غرفة عساف التي كانت مظلمة تماما ... سابحة في الظلام الدامس الا من ضوء خفيف جدا قادم من الاباجورة التي بجوار سريره
لتهتف شوق
_اللهم اجرنا من عڈاب القپر... ايه يا بني الاوضة سودا و عتمة اوي اني يادوب شايفة قدامي وممكن اتكعبل في أي لحظة واكتشف ويبقي نهاري زي لون الاوضة بالظبط.
ظلت تتابع سيرها ببطىء وهي تنظر لأخيها وهو نائم بعمق فتضحك بتسلية وهي تقولي
_يقطعني هصحيك من عز نومك معليش تستاهل ما انت امبارح محوشتش عني اخوك يا معفن
توجعت حيث الستائر السوداء وفتحتها ليسطع ضوء الشمس جليا في الغرفة وما إن رأت شوق أن أخيها بدأ يتحرك وكأنه يوشك أن يستيقظ... حتى فرت بأقصى سرعة للخارج وهي تتنهد براحة
_الحمد لله فلت من اول واحد ... باقي الراس الكبيرة اما امير الأمر أمره سهل.
بعد ذلك توجهت لغرفة مهند وفتحتها بهدوء وحذر شديد... نظرت له وهي تسير لتأمن شره... لتجده نائم دون أي ملابس على نصفه العلوى... فأصيبت بالحرج
_يخص يادي الكسفة.. ما تستر نفسك ياخوي وانت نايم في اوضتك متناش عارف اني هطب عليك أصحيك ولا إيه.
ومن ثم توجهت نحو الستائر وأزاحتها بهدوء وسرعة في نفس الوقت.
لترى مهند يضيق أعينه بانزعاج ففرت تركض لأسفل بسرعة وهي تسمع عساف يصيح في الخادم بعد ان ظن ان أحد من اخوته من تجرأ وفتح الستائر بينما هو نائم
_ عاطف انت يا زفت تعالى اقفل الستاير دي... اما انت يا مهند او أمير حسابكم معايا بس لما اقوملكم.
جاء الخادم على الفور... ليشير له عساف
_اقفل الزفت ده حالا
_حاضر يا عساف بيه
وما ان اغلقه الخادم حتى غط عساف مرو أخرى في النوم.
أما مهند فنهض من مكانه على الفور ووجهه محمل بالزعابيب كرياح أمشير وتوجه تجاة غرفة أخيه أمير وهو يتمتم پغضب
_مفيش غيره أمير الكلب اللي عملها وربنا لاخلص عليه علشان يفكر يعمل معايا مقلب سخيف زي دا.
استيقظت من نومها و تناولت فطورها بعد الحاح من الدادة ... بعدها جلست الدادة لتساعدها على تمشيط شعرها الطويل... وفي تلك الأثناء
دلف خالد الغرفة دون سابق انذار وما إن
متابعة القراءة