شوق اسماء عبد الهادي
المحتويات
عميق كما لو لم ينم منذ عدة أيام كانت تود إيقاظه ليذهب لأخته لكنها رقت لحاله ولذلك التعب البادي على وجهه فقررت أن تغادر وتتركه نائما ليستقيظ هو وقتما يريد.
لكنها ما إن مرت من أمامه وهمت تجاه الباب حتى سمعت صوته يناديها بصوت ناعس
_فداء!!
التفتت لتنظر اليه لتجده يحاول أن يعتدل في جلسته ويقول
_صباح الخير انتي نازلة الشغل ولا ايه انا شكلي كده راحت علي نومه
_انا فعلا بقالي كم يوم ما نمتش كويس ... بس انا اول مره احس اني نمت بعمق كده وده طبعا علشان كنت جنب حبيبتي
تجهم وجهها ونظرت له بضجر
فضحك وقال
_متبصليش كدا ايه هو انا قلت حاجة غلط انتي مش مراتي حبيبتي
_احم.. ااا.. الفطار في المطبخ جاهز تقدر تفطر قبل ما تنزل... أنا هنزل انا دلوقتي علشان متأخرش سلام
_لا استني تنزلي ايه
_ايه في ايه
_فطرتي الأول ولا لسه
_لا بصراحة لسه... مجاليش نفس قلت لو جعت هفطر ف المكتب
_طب تعالي نفطر سوا
_معلش يا خالد أنا اتأخرت ولازم أنزل دلوقتي
طالعته بضجر فهي لا تود الجلوس وتناول الفطور معه
_يا خالد بقولك مليش نفس ولازم أنزل دلوقتي
تجهم وجه خالد فهي مصرة أن تغلق كل الأبواب وتسد كل الطرقات في وجهه فزفر بضيق وقال بنبرة جدية جامدة
_طب اتنيلي استنى لما أغسل وشي علشان أوصلك
فتحت فمها لتعترض على توصيله إياها
قاطعها بحدة
_قلت هوصلك خلاص بقا.
استغربت حدته لكنها بقيت صامتة واضطرت لأن تنتظره لأن يوصلها.
دخل المرحاض وغسل وجهه ومشط شعره وعدل من هندامه وخرج لها وهو يمد يده أمامها تجاه الباب وهو يقول بانزعاج حاول كبته
_اتفضلي
_طب خدلك ساندويتش على الأقل
_مش عايز اتزفت أفطر اتفضلي
كانت تسبقه ببضع درجات ليسرع هو في نزوله ويمد يده نحو ذراعها ويضعه تحت ابطه في حركة مباغتة منه لتتفاجىء هي مع إصدار شهقة فزعة من فعلته
_خالد ايه اللي انت بتعمله دا
نظر لها بلا مبالاة وردد بسخافة
_ايه بعمل ايه بأنكچ مراتي بلاش أمسك أيدها واحنا ماشين ولا إيه.
_خالد من فضلك بلاش كدا وسيب ايدي واظنك عارف طلبي كويس
ما زادته كلماتها الا حنقا وتصميما على ما يفعله فشدد من قبضته على ذراعها وسار وهو يسحبها لأسفل غير عابىء بنظراتها المزبهلة تجاهه ولا بمحاولاتها في تخليص يدها من بين يديه.
ليقول خالد في نفسه
_انتي كنتي مفكرة اني هزهق وهسيبك وانفذلك طلبك يبقى انتي بتحلمي.
__
ظل يرمق أخوته بغيظ لبعض الوقت فهو لا يستطيع أن يترك أخته وحدها في ذلك الظرف ويجلس هنا مكتوف الأيدي حتى ولو لم ترد هي هو بذلك يشعر وكأنه خذلها تخلى عنها في محنتها و هي في أمس الحاجة لأن يكونوا معها
تحرك من مكانه وقال وهو يعزم النية على أن يكون لجوارها ولا يتركها
_ لا انا مش هسيب شوق هروحلها عند فداء اكيد هي هناك ماهي مش هتقدر ترجع البلد في حالتها دي
لينادي عليه عساف
_ يا أمير سيبها دلوقتي قلتلك
رد وهو يهرول خارج الڠرقة
_مش هسيبها شوق انا غلطان اني مروحتش وراها اول ما مشيت.
تابع ركضه إلى أن وصل الى اعتاب الفيلا وهناك سأل البواب
_ مشفتش شوق راحت من اي اتجاه من هنا ولا من هنا
_ لا يا امير بيه الحقيقة مأخدتش بالي كنت بجيبلي لقمة أكلها ومشفتهاش والله.
حرك أمير يده بضجر ودلف للداخل ليستقل سيارته ويبدأ في البحث عنها توجه مباشرة نحو بيت فداء وطوال الطريق كان يتلفت يمنة ويسرة عله يلمحها لكن لا أثر لها البتة في ذلك الطريق الذي اتخذه.
أما عساف فخرج من الفيلا قاصدا الشركة بينما ظل مهند مرابضا على الجهاز الرياضي لفترة طويلة حتى تعب وجلس محله دون حراك.
بعد مدة وصل أمير أخيرا لبيت فداء وطرق الباب عظة مرات
_ مدام فداء مدام فداء
لكن لم يأتيه الرد فاخرج هاتفه واتصل بخالد الذي كان يجلس مع أخته في ذلك الوقت ليرد قائلا
_ ايوة يا أمير.. ازيك عامل ايه في الدراسة
_ خالد من فضلك كنت عايز رقم مدام فداء مراتك أسالها عن حاجة مهمة لاني واقف قدام باب البيت ومحدش بيرد
رفع خالد حاجبه وقال ونيران الغيرة تشتعل داخله
_ نعم يا خويا عايز رقم فداء مراتي تعمل بيه ايه وبتطلبه كدا بكل بجاحة أما حاجة عجيبة اوي.
حرك أمير راسه بحنق فخالد فهم الأمر بشكل خاطىء
_ مش قصدي حاجة على فكرة يا خالد انا كل الحكاية كنت عايزة اسألها على شوق اختي اذا كانت معاها ولا لا
سكنت نفس خالد وتكلم بهدوء
_ اه بحسب يعني.. طيب اذا كان كدا قولي واما أكلمها أنا ..مش تطلب رقم مراتي
_ يا خالد مش فضلك المسألة مهمة أنا لازم أعرف شوق معاها ولا لأ ممكن تكلمها تسألها وترد عليا ضروري انا هنتظر منك مكالمة حالا
_ طيب اصبر أنا هكلمها بس معتقدش شوق معاها لان فداء في الشغل دلوقتي وخارجين سوا مع بعض الصبح
هتف أمير بوجل
_ يعني ايه شوق مش معاها
_ يا عم معرفش ممكن تكون راحتلها الشركة هكلمها واقولك بس قولي الأول انت ليه مش بتتصل بشوق نفسها تشوف هي فين هي زعلانة منك ولا ايه
أخذ أمير نفسا عميقا ثم أخرجه بهم
_ ياريت ياريتها كانت حكاية انها زعلانة مني كان الأمر سهل ..مكنتش هسيبها الا لما تصالحني
_ ياريت ايه ياابني في ايه
_ بعدين بالله عليك يا خالد شوفها فين او قولي عنوان شغل مدام فداء
_ لا اقولك ايه الموضوع شكله كبير وكدا هنقلق فداء انطق ياأمير في ايه
أغمض أمير أعينه واتفت بوجه للناحية الأخرى وهو ينظر للارض بۏجع من أجل شوق وابتدى بصوت مخټنق يقص كل ما حدث لخالد
راع خالد كل ما حدث لشوق وقال بصوت محتقن
_ يخربيته شاكر هو فيه كدا وبعدين تعالى هنا انت واخواتك ازاي تسيبوا شوق تمشي وهي مڼهارة وفي الحالة دي ...انتوا أغبيا!!!
كان أمير يعلم أنه مخطىء عندما تركها تغادر وحدها لذا كان يؤنب نفسه كثيرا ولم يتحمل عتاب خالد له فقال
_ مش وقته كلام من دا يا خالد من فضلك كلم فداء يالا
_ لا ما هو انا مش هكلم فداء اقلقها يمكن شوق روحت البلد او قاعدة في اي مكان مع اي حد بتروق أعصابها
_ ازاي ده احتمال كبير انها تكون مع فداء
_ايوة هكلمها بس مش هسألها عنها هجيبها بأسلوب غير مباشر وهعرف اذا كانت معاها ولا لا
_ اعمل اللي تعمله يا خالد بس طمني بالله عليك يلا
انا هخرج انتظرك في العربية لحد ما تكلمها.
_ ماشي اقفل
__
توجه أمير نحو سيارته وقلبه يتآكل على شوق
أما خالد فاتصل بفداء التي أجابت بعد عدة محاولات من خالد
_ السلام عليكم.. نعم يا خالد ميار كويسة!!
_ وعليكم السلام...ايه يا فداء ساعة علشان تردي
_معلش انت عارف اني في الشغل خير في حاجة
_لا كنت عايز اطمن عليكي بس
استغربت سؤاله وقالت بحنق
_أنا كويسة يا خالد مش معقول معطلني من شغلي علشان تسألني السؤال ده وانت اللي موصلني بنفسك
لوى خالد شفتيه بانزعاج من رعونة ردها في كل مرة
_ طب اسمعي أنا هعدي عليكي لما تخلصي علشان نتغدى سوا ومش عايز أي حجج مفهوم.
تنهدت بقلة حيلة فهو لا ينفك عن طلبه تناول الطعام معها لذا قالت بهدوء
_ماشي يا خالد اوك بس على شرط نروح نتغدى مع ميار
هنا علم خالد أن فداء لا تعلم شيئا بأمر شوق ولم ترها من الآساس لذا قال
_تمام هكون عندك في المعاد
_اوك سلام.
لم يكد خالد ينهي الاتصال مع فداء حتى وجد أمير يتصل به فرد خالد على الفور
ليقول أمير بلهفة
_ها يا خالد شوق معاها طمني بالله عليك
تنهد خالد بأسى
_الظاهر كدا لا يا أمير
هب أمير واقفا ونسى أنه في سيارته فارتطم رأسه بسقف السيارة
_انت بتتكلم جد شوق مش معاها.
قالها ووضع يده على راسه بانزعاج
ليقول خالد
_ انا لسه مش متأكد نص ساعة وهروحلها الشركة علشان أخدها وطبعا لو شوق معاها فداء مش هتسيبها واكيد هعرف اصبر بس
هتف أمير وهو يجلس ثانية وينوي السفر لبلدة شوق لكي يراها هناك
_لا طالما مجابتش سيرتها يبقة مش معاها ومتعرفش حاجة انا هروحلها البلد وانت تابع مع فداء وبلغني
_يا بني اصبر لما اقابل فداء وساعتها هعرف كل حاجة ما يمكن شوق فعلا جتلها وعلشان زعلانة من اللي حصل طلبت منها تكون لوحدها لما اشوف فداء هعرف من حالتها لو كانت عادية يبقى فعلا شوق مجتلهاش لو حسيتها مهمومة ومتضايقة يبقى عرفت فعلا باللي حصل لشوق
_طب وانت مش عايز تسألها مباشرة ليه وتخلصنا
_مش هينفع أجيبلها سيرة عن الموضوع ده فداء لو عرفت هتتأثر اوي علشان كدا مش لازم تعرف الا لما نلاقي شوق فهمت
_وانا مش هقدر استنى اكتر من كدا هروحلها البلد
_يا زفت اصبر لما اكلمك بدل ما تروح على الفاضي المسافة مش هينة وكمان لو هيا راحت فعلا فزمانها لسه موصلتش فاهدى شوية ما انتم اللي غلطانين وتستاهلوا اللي يجرالكم علشان سبتوها تمشي متيجوش تعيطوا دلوقتي
ابتأس أمير بما يقوله خالد وأدمعت اعينه لم يقصد أن يتخلى عنها لكنه اتبع اخوته وندم على ذلك.
__
لم يستطع مهند الصمود أكثر فقلبه يأكله على شوق ظل شاردا قليلا ثم قال لنفسه
_حتى لو مكانتش اختى فعلا مش هسيبها
فما كان منه الا انه حاول الاتصال بها على الهاتف الذي أعطاه اياها لكن لم يأتيه الرد
فقرر الاتصال بأخيه أمير الذي خرج للبحث عنها.
___
دلف غرفتها بهدوء شديد حتى لا يزعجها
ليجدها تغط في النوم ولا تدري بأي شىء حولها حتى أنها لم تسمع رنين الهاتف الذي لم ينفك عن الرنين لأكثر من عدة مرات فما كان منه إلا أنه بحث عنه ليجده في جيب سترها فأمسك به وأغلقه ووضعه جوارها جانبا
_كدا أحسن خليها تنام وترتاح
ظل يطالعها قليلا وهو يتنهد بأسى فهي مثل أمها تماما في سمارها وفي استدارة وجهها وفي عنادها لكن ما يميز شوق عن امها هو شخصيتها القوية التي يعرفها عنها دائما بعكس أمها التي كانت ضعيفة الشخصية وخاصة أمام غريب وقد يعود الأمر لانها كانت تحبه حبا شديدا...فانكسرت بما اتهمها به.
ظل على وضعه يتأملها واقفا وعندما تعب من الوقوف سحب كرسيا وجلس
متابعة القراءة